بل أكثرهم في مثل هذه المواطن التي تتوفر الهمم على ذكره فيها غاية التوفر، فانتفاء ما يعلم أنه لازم يقتضي انتفاء ما يعلم أنه ملزوم [1] . ولم يشتغل بدفن النبي عن الإمامة
وقول القائل: إن عليًا كان مشغولاً بما أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - من دفنه وتجهيزه وملازمة قبره كذب ظاهر، وهو مناقض لما يدعونه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يدفن إلا بالليل لم يدفن بالنهار. وقيل: إنه إنما دفن الليل المقبلة، ولم يأمر أحدًا بملازمة قبره، ولا لازم عليّ قبره؛ بل قبر في بيت عائشة وعليّ أجنبي منها.
ثم كيف يأمره بملازمة قبره وقد أمر بزعمهم أن يكون إمامًا بعده.
ولم يشتغل بتجهيزه عليّ وحده بل عليّ والعباس وبنو العباس ومولاه شقران وبعض الأنصار، وأبو بكر وعمر وغيرهما على باب النبي حاضرون غسله وتجهيزه لم يكونوا حينئذ في بني ساعدة.
لكن السنة أن يتولى الميت أهل فتولى أهله غسله وتجهيزه، وأخروا دفنه ليصلي عليه المسلمون، فإنهم صلوا عليه أفرادًا واحدًا بعد واحد رجالهم ونساؤهم خلق كثير، فلم يتسع يوم الاثنين لذلك مع تغسيله وتكفينه، بل صلوا عليه يوم الثلاثاء، ودفن يوم الأربعاء [2] .
ولم يكن أبو بكر في جيش أسامة لئلا ينازع عليًا
وأهل الفرية يزعمون أن الجيش كان فيه أبو بكر وعمر، وأن مقصود الرسول كان إخراجهما لئلا ينازعا عليًا. وهذا إنما يكذبه [1] ج (4) ص (118) . [2] ج (3) ص (216) .