نام کتاب : الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء نویسنده : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر جلد : 1 صفحه : 30
الأول في سورة البقرة، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [1].
الثاني: في سورة فُصّلت، قال الله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَآئِعِينَ} [2].
والاستواء معناه معلوم في لغة العرب، لا يجهله أحد منهم، والله قد خاطب عباده في القرآن الكريم بكلام عربيٍّ مبين، والاستواء معناه في اللغة العلوّ والارتفاع[3].
ولهذا فإنَّ مذهب السلف في الاستواء هو إثباته لله عز وجل كما أثبته لنفسه، وكما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل يؤمنون بأنَّ الله مستو على عرشه استواء يليق بجلاله وكماله، ولا يشبه استواء أحد من خلقه - تعالى الله عن ذلك -، ومعنى الاستواء عندهم العلوّ والارتفاع، ولا خلاف بينهم في ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "وكلام السلف والأئمة ومن نقل مذهبهم في هذا الأصل كثير يوجد في كتب التفسير والأصول. [1] سورة البقرة، الآية: (29) . [2] سورة فصّلت، الآية: (11) . [3] هذا إذا كان معدًّى بـ (إلى) أو (على) ، أما إذا كان مطلقاً كقوله تعالى: {ولمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} فإنَّ معناه: كمُل وتمَّ، وأمَّا إذا كان مقروناً بواو (مع) التي تعدي الفعل إلى المفعول معه نحو: "استوى الماء والخشبة" فإنَّ معناه ساواها، انظر: مختصر الصواعق (ص:320) .
فهذا هو مراد السلف رحمهم الله بقولهم: "بلا كيف".
ومع ذلك فقد قال الزمخشري المعتزلي في كشافه: "ثم تعجب من المتسمّين بالإسلام، المتسمّين بأهل السنة والجماعة كيف اتخذوا هذه العظيمة[1] مذهباً، ولا يغرّنك تستّرهم بالبَلْكَفَة[2]، فإنَّه من منصوبات أشياخهم[3]، والقول ما قال بعض العدلية[4] فيهم:
لجماعة سمّوا هواهم سنّة ... وجماعة حمر لعمري موكفه5
قد شبّهوه بخلقه وتخوّفوا ... شنع الورى فتستّروا بالبلكفه"[6].
وقد أجاب بعض أهل العلم عن هذين البيتين بمثلهما فقال:
عجباً لقوم ظالمين تلقّبوا ... بالعدل ما فيهم لعمري معرفة
قد جاءهم من حيث لا يدرونه ... تعطيل ذات الله مع نفي الصفة7
ثم هم مع تعطيل الذات ونفي الصفة قد شبّهوا الله تبارك وتعالى بخلقه، لأنّهم إنما قالوا بالتعطيل لتوهمهم التشبيه، ففرّوا منه إلى التعطيل، فوقعوا في [1] يقصد رؤية المؤمنين لربِّهم يوم القيامة بلا كيف إيماناً منهم بالنصوص وتصديقاً. [2] يريد قول السلف: "بلا كيف" فهو من باب المنحوتات مثل: البسملة والحمدلة، أي: أنَّ قولهم محض التشبيه، ويقولون بلا كيف على سبيل التستّر. انظر: ضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري لأبي شامة (ص:159) . [3] أي: مالك، وأحمد بن حنبل، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي، ومكحول، والزهري، وغيرهم من أئمة السلف، وتقدّم نقل ذلك عنهم. [4] هم جماعته المعتزلة، سمّوا أنفسهم بذلك زاعمين أنهم نسبوا الله تعالى إلى العدل، حيث آخذ العبّاد بما جَنَوه على أنفسهم، ولم يجر به القضاء عليهم. انظر: ضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري لأبي شامة (ص:159) .
5 قوله: "حمر" هو جمع حمار، وقوله: "موكفة"، الوكاف هو البرذعة التي توضع على الحمار، بهذا شبه هذا الظالم أهل السنة والجماعة، عامله الله بعدله. [6] الكشاف للزمخشري (2/92) .
7 ضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري لأبي شامة (ص:159) .
نام کتاب : الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء نویسنده : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر جلد : 1 صفحه : 30