نام کتاب : الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء نویسنده : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر جلد : 1 صفحه : 51
المبحث الثاني: ذكر الشواهد على هذا الأثر من الكتاب والسنة
لقد تضمّن هذا الأثر العظيم جملاً أربعاً وهي:
1- الاستواء غير مجهول.
2- والكيف غير معقول.
3- والإيمان به واجب.
4- والسؤال عنه بدعة.
وهي جمل صحيحة المعنى عظيمة الدلالة، لكلِّ جملة منها شواهدها الكثيرة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وسيمرُّ معنا في ثنايا هذا المبحث العديد من النصوص التي تشهد لصحة كلِّ جملة من هذه الجمل، ولنقف هنا مع كلِّ جملة من هذه الجمل لذكر بعض الشواهد عليها من القرآن والسنة.
أوّلاً: أما قوله: (الاستواء غير مجهول) فالمراد به أنَّ الاستواء معلوم المعنى؛ لأنَّ الله قد خاطبنا في القرآن الكريم بكلام عربيٍّ مبين، قال الله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [1]، وقال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [2]، وقال تعالى: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [3]، وقال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيًّا} [4]، وقال تعالى: {قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [5]، فهو – سبحانه - أنزل القرآن الكريم [1] سورة الشعراء، الآية: (195) . [2] سورة يوسف، الآية: [2] . [3] سورة فصّلت، الآية: [3] . [4] سورة الأحقاف، الآية: (12) . [5] سورة الزمر، الآية: (28) .
مجهول، أو تفسير الاستواء مجهول، أو بيان الاستواء غير معلوم، فلم ينف إلاَّ العلم بكيفية الاستواء، لا العلم بنفس الاستواء، وهذا شأن جميع ما وصف الله به نفسه، ولو قال في قوله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأرَى} كيف يسمع ويرى؟ لقلنا: السمع والرؤيا معلوم، والكيف مجهول، ولو قال: كيف كلّم موسى تكليماً؟ لقلنا: التكليم معلوم، والكيف غير معلوم.
وأيضاً فإنَّ من قال هذا من أصحابنا وغيرهم من أهل السنة يقرُّون بأنَّ الله فوق العرش حقيقة وأنَّ ذاته فوق ذات العرش، لا ينكرون معنى الاستواء، ولا يرون هذا من المتشابه الذي لا يُعلم معناه بالكلية.
ثم السلف متفقون على تفسيره بما هو مذهب أهل السنة، قال بعضهم: ارتفع على العرش، علا على العرش، وقال بعضهم عبارات أخرى، وهذه ثابتة عن السلف، قد ذكر البخاري في صحيحه بعضها في آخر كتاب الرد على الجهمية، وأما التأويلات المحرّفة مثل استولى[1] وغير ذلك، فهي من التأويلات المبتدَعة لما ظهرت الجهمية" إلى آخر كلامه رحمه الله[2].
ومنهج هؤلاء مع النصوص المخالفة لعقائدهم كما قال شيخ الإسلام: "تارة يحرّفون الكلم عن مواضعه، ويتأوّلونه على غير تأويله، وهذا فعل أئمتهم، وتارة يعرضون عنه ويقولون: نفوّض معناه إلى الله، وهذا فعل عامّتهم"[3].
فكلام السلف رحمهم الله مؤتلف غير مختلف، ومقبول غير مردود، بخلاف كلام أهل الأهواء والبدع، فهم في قول مختلف يُؤفك عنه من أُفك، قُتل الخرّاصون. [1] في المطبوع: "استوى"، وهو تصحيف. [2] مجموع الفتاوى (13/309،310) . [3] مجموع الفتاوى (13/143) .
نام کتاب : الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء نویسنده : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر جلد : 1 صفحه : 51