إن كل أصحاب ملة يدعون الناس إليها، ويعتقدون أن الحق فيها دون ما سواها، وكل أصحاب عقيدة يدعون الناس إلى اتباع صاحب عقيدتهم، وتعظيم قائد طريقهم.
أما المسلم فلا يدعو إلى اتباع طريقته، لأنه ليس له طريقة تخصه، إنما دينه دين الله الذي ارتضاه لنفسه، قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] [1] ولا يدعو إلى تعظيم بشر، فكل البشر في دين الله سواء لا فرق بينهم إلا بالتقوى، بل يدعو الناس إلى أن يسلكوا سبيل ربهم، ويؤمنوا برسله، ويتبعوا شرعه الذي أنزله على خاتم رسله محمد صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يبلغه إلى الناس كافة.
ومن أجل ذلك فقد حررت هذا الكتاب دعوة إلى دين الله الذي ارتضاه لنفسه، وأنزل به خاتم رسله، وإرشادا لمن أراد الهداية، ودليلا لمن أراد السعادة، فوالله لن يجد مخلوق السعادة الحقيقية إلا في هذا الدين، ولن يعرف الطمأنينة إلا من آمن بالله ربا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولا، وبالإسلام دينا، فقد شهد الآلاف من المهتدين إلى الإسلام - في قديم الدهر وحديثه - بأنهم لم يعرفوا الحياة الحقيقية إلا بعد إسلامهم، ولم يذوقوا السعادة إلا في ظلال الإسلام. . . ولأن كل إنسان يتطلع إلى السعادة، ويبحث عن الطمأنينة، ويتحرى الحقيقة، [1] سورة آل عمران، الآية: 19.