نام کتاب : الاقتصاد في الاعتقاد نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 31
سبب فإنه طارئ بعد استمرار الوجود في القدم. وقد ذكرنا ان كل طارئ فلا بد له من سبب من حيث انه طارئ لا من حيث أنه موجود، وكما افتقر تبدل العدم بالوجود إلى مرجح للوجود على العدم، فكذلك يفتقر تبدل الوجود بالعدم إلى مرجح للعدم على الوجود، وذلك المرجح إما فاعل بعدم القدرة، أو ضد انقطاع شرط من شروط الوجود. ومحال أن يحال على القدرة؛ إذ لوجود شيء ثابت يجوز أن يصدر عن القدرة، فيكون القادر باستعماله فعل شيئاً والعدم ليس بشيء، فيستحيل أن يكون فعلاً واقعاً بأثر القدرة. فإنا نقول: فاعل العدم هل فعل شيئاً؟ فإن قيل نعم، كان محالاً، لأن النفي ليس بشيء.
وإن قال المعتزلي أن المعدوم شيء وذات، فليس ذلك الذات من أثر القدرة، فلا يتصف أن يقول الفعل الواقع بالقدرة فعل ذلك الذات فإنها أزلية، وإنما فعله نفي وجود الذات، ونفي وجود الذات ليس شيئاً، فاذاً ما فعل شيئاً.
وإذا صدق قولنا ما فعل شيئاً صدق قولنا أنه لم يستعمل القدرة في أثر البتة، فبقي كما كان ولم يفعل شيئاً.
وباطل أن يقال أنه يعدمه ضده لأن الضد إن فرض حادثاً اندفع وجوده بمضادة القديم، وكان ذلك أولى من أن ينقطع به وجود القديم.
ومحال أن يكون له ضد قديم كان موجوداً معه في القدم ولم يعدمه وقد أعدمه الآن، وباطل أن يقال انعدم لانعدام شرط وجوده، فإن الشرط إن كان حادثاً استحال أن يكون وجود القديم مشروطاً بحادث، وإن كان قديماً فالكلام في استحالة عدم الشرط كالكلام في استحالة عدم المشروط فلا يتصور عدمه.
فإن قيل فبما إذاً تفنى عندكم الجواهر والأعراض؟ قلنا: أما الأعراض فبأنفسها، ونعني بقولنا بأنفسها أن ذواتها لا يتصور لها بقاء. ويفهم المذهب فيه بأن يفرض في الحركة، فإن الأكوان المتعاقبة في أحيان متواصلة لا توصف بأنها حركات إلا بتلاحقها على سبيل دوام التجدد ودوام الانعدام، فإنها إن فرض بقاؤها كانت سكوناً لا حركة، ولا تعقل ذات الحركة ما لم يعقل معها العدم عقيب الوجود. وهذا يفهم في الحركة بغير برهان.
وأما الألوان وسائر الأعراض، فإنما تفهم بما ذكرناه من أنه لو بقي لاستحال عدمه بالقدرة وبالضد كما سبق في القديم، ومثل هذا العدم محال في حق الله تعالى فإنا بينا قدمه أولاً واستمرار وجوده فيما لم يزل، فلم يكن من ضرورة وجوده حقيقة فناؤه عقيبه، كما كان من ضرورة وجود الحركة حقيقة أن تفنى عقيب الوجود. وأما الجواهر فانعدامها بان لا تخلق فيها الحركة والسكون فينقطع شرط وجودها فلا يعقل بقاؤها.
نام کتاب : الاقتصاد في الاعتقاد نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 1 صفحه : 31