وأما الصغيرة فهو ما يكون ثواب فاعله أكثر من عقابه إما محققاً وإما مقدراً. ثم قال: واحترزنا في الموضعين بقولنا إما محققاً وإما مقدراً عن الكافر ومن لم يطع البتة، فإنه قد وقع في أفعال الصغيرة والكبيرة، على معنى أنه لو كان له ثواب لكان يكون محبطاً بما ارتكبه من المعصية، أو يكون عقاب ما أتى به من الصغيرة مكفراً في جنب ما يستحقه من الثواب[1].
ومن تعريفات الصغيرة والكبيرة عند المعتزلة ما ذكره الأشعري عن جعفر بن حرب وذكره القاضي عبد الجبار على سبيل النقد فقد ذكر عنه قوله: إن كل عمد كبير. وقال بعد ذلك: وأظن أن ذلك مذهب لبعض السلف من أصحابنا[2].
فجعفر بن حرب هذا يرى أن الكبيرة هي القبيح الذي يقترن بعمد الإنسان وإصراره أي أنه يميل إلى وصف الجريمة بحال الفاعل لا بموضوع القبيح.
وأنكر القاضي ذلك من وجهين:
الأول: إن العمد لا تأثير له في كون الفعل كبيراً أو صغيراً، لأن للقبيح موضوعاً أو بمعنى آخر: أن للجريمة صفة موضوعية إذا ما وقعت من أي إنسان كانت كبيرة أو صغيرة.
الثاني: إن الطريق إلى تحديد الكبائر وتعيينها هو الدلالة الشرعية وقد حدد الشرع أن القتل والزنا والقذف وغيرهما كبائر، وهذ لايتفق مع القول بالعمد [3].
ولا خلاف بين المعتزلة في وجود الصغيرة والكبيرة بين القبائح إلا أن [1] عبد الجبار بن أحمد، شرح الأصول الخمسة بتحقيق الدكتور عبد الكريم عثمان، ص632، ط1، مطبعة الاستقلال الكبرى، القاهرة، سنة 1384. [2] المصدر نفسه ص634. [3] انظر: المصدر نفسه.