قول واحد بشأنه بل دار بينهم الخلاف في ذلك على أقوال ثلاثة:
1 ـ أن الله سبحانه يغفر الصغائر إذا اجتنبت الكبائر تفضلاً.
2 ـ يغفر الصغائر إذا اجتنبت الكبائر باستحقاق.
3 ـ أن الله لا يغفر الصغائر إلا بالتوبة [1].
فهذه أقوال ثلاثة عند المعتزلة، اثنان منها قالت بالغفران، والخلاف بينهما في الاستحقاق والتفضل، والاستحقاق كما هو واضح فيه تحكُّم على الله سبحانه ـ وذلك غير لائق بحال. ولكن من مبادئ المعتزلة المشهورة عنهم قولهم بوجوب الصلاح والأصلح، ولا يخفى ما في هذا المبدأ من جسارة وعدم تأدب مع الله سبحانه وتعالى. أما القول الثالث فإنه يجعل الصغيرة بمنزلة الكبيرة في عدم الغفران إلا بالتوبة وهذا لم يقلْ به أحد، ومخالف أيضاً لما عليه المعتزلة أنفسهم من الفرق بين الصغيرة والكبيرة من حيث المعنى والاعتبار.
وعلى كل حال فالأهم من ذلك كله هو مرتكب الذنب الكبير، فماذا يقول القوم في حكمه؟
هذه المسألة تُسمَّى عند مؤرخي الفرق والمعتزلة بالأسماء والأحكام، لأنها تبحث في صفة مرتكب الكبيرة وحكمه.
يقول الدكتور عبد الكريم عثمان في الكلام على هذه المسألة: … وقد أثار تحديد مكان مرتكب الكبيرة وحكمه خلافاً شديداً بين المسلمين، وجعله بعض مؤرخي الفرق سبباً مباشراً لظهور مذهب الاعتزال. فقد قالت الخوارج إن صاحب الكبيرة كافر، وذهب المرجئة إلى أنه مؤمن، وقرر الحسن البصري أنه منافق، أما واصل فقد أعلن أن مرتكب الكبيرة ليس مؤمناً ولا كافراً، ولا منافقاً، بل هو فاسق، أو في منزلة بين المنزلتين: [1] انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري بتحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، ج1 ص332،ط2 سنة 1389هـ.