في مسألة زيادة الإيمان ونقصه لفظي ـ في نظري غير صحيح، لأن ثمة من قال بأن الإيمان هو التصديق، ومع ذلك قال إن الإيمان يزيد وينقص بحسب ذاته أي التصديق نفسه يزيد وينقص، وبحسب متعلقه وهي أفراد ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مما يجب التصديق به.
وممن قال بأن الخلاف في زيادة الإيمان ونقصه لفظي الإمام أبو حامد الغزالي [1]. على أنني أحب أن أنبه هنا إلى أنهم لا يقصدون بقولهم: إن الخلاف لفظي أن الآراء ترجع إلى رأي واحد إما القول بالزيادة والنقصان أو عدمهما على تعددها، بل المقصود أن الرأي في ذلك فرع عن الرأي في حقيقة الإيمان.
ثم إن عضد الدين الإيجي صاحب ((المواقف)) ، رجح القول بأن الإيمان يزيد وينقص حتى وإن كان التصديق وحده حيث قال: والحق أن التصديق يقبل الزيادة والنقصان لوجهين: أي بحسب الذات وبحسب التعلق.
الأول: القوة والضعف من التصديق من الكيفيات النفسانية المتفاوتة قوة وضعفاً.
الثاني: من وجهَي التفاوت ـ أعني ما هو بحسب المتعلق ـ أن يقال: التصديق التفصيلي في أفراد ما علم مجيئه به جزء من الإيمان يثاب عليه ثوابه على تصديقه بالإجمال، يعني أن أفراد ما جاء به متعددة وداخلة في التصديق الإجمالي. فإذا علم واحداً منها بخصوصه وصدق به، كان هذا تصديقاً مغايراً لذلك التصديق المجمل، وجزءاً من الإيمان. ولا شك أن التصديقات التفصيلية تقبل الزيادة فكذلك الإيمان، والنصوص كنحو قوله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً} دالة على قبوله لهما ـ أي قبول الإيمان للزيادة والنقصان ـ بالوجه الثاني، كما أن نص قوله [1] انظر: الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي، تحقيق الدكتور عادل العوا، ص208، ط1 بدار الأمانة، بيروت، سنة 1388هـ ـ1969م.