في قلبه أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار، فأنطلق فأفعل ".
فهذه أدلة قاطعة على خروج المذنبين من النار وأن مصيرهم إلى الجنة مهما عذبوا، وأما الخلود فلا يكون إلا بالكفر، والذنب ليس كفراً. وأما الأدلة التي استدلوا بها على الخلود فهي محمولة أيضاً على الاستحلال ممن فعل الذنب مستحلاً له فهو كافر كما قال ابن عباس في تأويل قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} . فقد ذكر ابن جرير عنه في تأويل هذه الآية مع ما قبلها بشأن قسمة الميراث، وهي قوله سبحانه: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} . فقد ذكر أن أناساً استنكروا هذا الحكم وقالوا أيورث من لا يركب الفرس، ولا يقاتل العدو، ولا يجوز الغنيمة نصف المال، أو جميع المال، استنكاراً منهم قسمة الله، ما قسم لصغار ولد الميت ونسائه، وإناث ولده، وخالفوا قسمة الله، وخالفوا حكمه في ذلك وحكم رسوله، استنكاراً منهم لحكمهما وهم المنافقون، ففيهم وفي أمثالهم نزلت هذه الآية فهم من أهل الخلود في النار، لأنهم باستنكارهم حكم الله يصيرون كفاراً، ومن ملة الإسلام خارجين. وكذلك يقال في كل نص ظاهره التخليد في النار، فالنصوص المقابلة ترشد إلى المراد، والله أعلم.
انظر: صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري، ج13 ص473-474.، حديث رقم 7510، وصحيح مسلم مع شرح النووي، ج3 ص53-58. وهذا لفظ البخاري.
النساء: 14.
انظر: جامع البيان، لأبي جعفر محمد بن جرير الطري، ج4 ص291.