الافتراق والاتحاد، مع ملاحظة أن كليهما مراد من أجل كمال الإيمان لأن الإنسان المسلم إذا قصر في الأعمال التي هي الإسلام فإن هذا التقصير يؤدي إلى نقصان إيمانه لأن الأعمال من الإيمان، فلا يخلو المسلم من إيمان به يصبح إسلامه، ولا إسلام به يصبح إيمانه، فهما متلازمان كتلازم الروح والجسد.
وتوصلنا أيضاً إلى أن المذهب الحق الذي لا يدل الوحي إلا عليه دون سواه هو أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية. وهذا المذهب أيضاً كما عرفنا هو الذي يجب أن يعتقد لانسجامه مع النصوص القرآنية والحديثية الواردة في هذا الشأن. ثم إن الغرض المنشود من هذا الدين لا يتحقق إلا بهذا الرأي، لأن فيه مجالاً للتسابق من أجل الوصول إلى الكمال الذي يحقق للمسلم درجة أسمى في الدنيا والآخرة، فإذا عرف الإنسان المسلم أن إيمانه فيه نقص مالم يعمل بجميع ما طلب منه العمل به، ويكف عن جميع ما طلب منه الكف عنه، فإنه يتحرك بالعمل الجاد ويتحرى الابتعاد عن المعاصي، ليحقق بذلك أكبر قدر ممكن من الكمال الديني الذي يكون سبباً في نجاته من النار، ودخوله الجنة.
وتوصلنا أيضاً إلى أن الحق الذي يجب أن يتبع هو القول بأن مرتكب الكبيرة مؤمن بإيمانه فاسق بمعصيته، وهو يوم القيامة تحت المشيئة بين الخوف والرجاء، فإن شاء الله عذبه، وإن شاء عفا عنه ابتداءً، ثم إن عُذب فإن لا يخلد في النار، بل يخرج منها بعد أن يجازى فيها بقدر ذنوبه، ويدخل الجنة. وهذا الرأي أيضاً هو الذي يتماشى مع الوحي الإلهي، أما ما سواه فإن فيه إجحافاً وتطرفاً ما أنزل الله به من سلطان، وفيه من المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله ما لا يخفى على من له أدنى بصيرة.
أما عن مسألة الاستثناء فقد توصلنا إلى جواز الاستثناء وجواز تركه والاستثناء أولى، لأن فيه بعداً عن ادعاء ما لا نستطيع الجزم بتحققه وهو كمال الإيمان، وفيه موافقة للنصوص الواردة بالاستثناء في الأمور المقطوع