وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان " [1].
ووجه الدلالة في هذا الحديث: أنه جعل الإسلام الذي هو الإيمان كما يشهد له حديث وفد عبد القيس الآتي ـ هو مجموع هذه الأمور الخمسة، وهي أعمال، فدل ذلك على أن الأعمال من الإيمان.
وهنا يَرِدُ شبهة على هذا الحديث، فقد يقول قائل: الأركان الأربعة المذكورة بعد الشهادة مبنية عليها، إذ لا يصح شيئ منها إلا بعد وجود الشهادة، فكيف يضمّ مبني إلى مبني عليه في مسمى واحد؟ وقد أجاب ابن حجر عن هذه الشبهة بقوله: أجيب بجواز ابتناء أمر على أمر، ينبني على الأمرين أمر آخر، فإن قيل المبني لا بدَّ أن يكون غير المبني عليه، أجيب بأن المجموع غير من حيث الانفراد، عين من حيث الجمع، ومثاله البيت من الشعر، يُجعل على خمسة أعمدة، أحدها أوسط والبقية أركان، فما دام الأوسط قائماً، فيسمَّى البيت موجود، لو سقط مهما سقط من الأركان، فإذا سقط الأوسط سقط مسمَّى البيت. فالبيت بالنظر إلى مجموعه شيئ واحد، وبالنظر إلى أفراده أشياء، وأيضاً فالنظر إلى أسِّه وأركانه، الأسُّ أصلٌ، والأركان تبعٌ وتكملةٌ [2].
ومن أدلة السلف أيضاً على دخول الأعمال في الإيمان، حديث وفد عبد القيس الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: " آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله؟ " قالوا: " الله ورسوله أعلم "، قال: " شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تؤدوا خمس ما غنمتم " [3].
قال شارح العقيدة الطحاوية، بعد سَوْقه لهذا الحديث: " ومعلوم أنه لم [1] متفق عليه، وهذا لفظ البخاري. انظر: صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري، ج1 ص49، وصحيح مسلم مع شرح النووي له ج1 ص176. [2] انظر: فتح الباري، ج1 ص49 ط المطبعة السلفية. [3] مسلم، صحيح مسلم مع شرح النووي له، ج1 ص188.