أؤديها، ولا أدفعها إلى الإمام، لم يكن للإمام أن يقتله. وكذلك عنه رواية: إنه يكفر بترك الصيام والحج، إذا عزم أنه لا يحج أبداً. ومعلوم أنه على القول يكفر تارك المباني، يمتنع أن يكون الإسلام مجرد الكلمة، بل المراد أنه إذا أتى بالكلمة دخل في الإسلام، وهذا صحيح، فإنه يُشهد له بالإسلام، ولا يُشهد له بالإيمان الذي في القلب، ولا يُستثنى في هذا الإسلام، لأنه أمر مشهور، لكن الإسلام الذي هو أداء الخمس، كما أُمر به يقبل الاستثناء، فالإسلام الذي لا يُستثنى فيه الشهادتان باللسان فقط فإنها لا تزيد، ولاتنقص، فلا استثناء فيه " [1].
كما أشار ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إلى ضعف القولين السالفين، ووصفهما بالتطرف ومخالفتهما لحديث جبريل، وسائر أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم [2]. وصحة ما قاله ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ حول ما ذكر من الأقوال ظاهرة، ويزيدها وضوحاً ما سيأتي عند ذكر القول الثالث، الذي هو تحقيق مذهب السلف في هذه المسألة.
(1) القول الثالث:
وهو تحقيق مذهب السلف، الذي تجتمع عليه النصوص الواردة في هذا الموضوع، أن بين الإسلام والإيمان تلازماً مع افتراق اسميهما، وأنَّ حال اقتران الإسلام بالإيمان، غير حال إفراد أحدهما عن الآخر، فمثل الإسلام من الإيمان، كمثل الشهادتين إحداهما من الأخرى، فشهادة الرسالة غير شهادة الوحدانية، فهما شيئان في الأعيان، وإحداهما مرتبطة بالأخرى في المعنى والحكم، كشيئ واحد. كذلك الإسلام والإيمان، لا إيمان لِمَن لا إسلام له، ولا إسلام لِمَن لا إيمان له، إذ لا يخلو المؤمن من إسلام به يتحقق إيمانه، ولا يخلو المسلم من إيمان به يصحُّ إسلامه. [1] ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، كتاب الإيمان، ص216-217، ط المكتب الإسلامي للطباعة والنشر بدمشق. [2] المصدر نفسه ص 320.