وهنا نجد ابن تيمية يعدُّ الكرامية، والجهمية، والأحناف، من المرجئة موافقاً بذلك أبا الحسن الأشعري، الذي عدهم مرجئة، كما أشار ابن تيمية إلى ذلك. غير أن ابن تيمية يجعل الأشعري وأصحابه مرجئة أيضاً مناصرة لمذهب جهم في الإيمان الذي يعتبره السلف من أفسد الآراء، وأكثرها شذوذاً.
على أن ابن حزم الأندلسي قد سبق ابن تيمية في عده الأشاعرة من المرجئة وشنَّع عليهم ولذلك موضعه، وإنما ذكرته هنا استيفاءً لكل من وُصِف بالإرجاء من الفرق الإسلامية، وسأفرد لكلٍّ من هذه الفرق فصلاً مستقلاً أستعرض فيه آراءها في الإيمان، أما هذا الفصل فسأقتصر فيه على بحث مقالات المرجئة الخالصة وبالله التوفيق.
مقالات المرجئة في الإيمان
ذكر الشهرستاني مقالات ست طوائف من المرجئة الخالصة، ناسباً كل طائفة منها إلى مؤسسها الأول، ونحن نوردها نقلاً عنه على سبيل الاختصار.
الأولى: اليونسية، أصحاب يونس بن عون النميري، وقد زعم أن الإيمان هو المعرفة بالله، والخضوع له، وترك الاستكبار عليه، والمحبة بالقلب. فمن اجتمعت فيه هذه الخصال فهو مؤمن، وما سوى ذلك من الطاعة فليس من الإيمان، ولا يضر تركها حقيقة الإيمان.
الثانية: العبيدية، أصحاب عبيد المكتئب، حكي عنه أنه قال: ما دون الشرك مغفور لا محالة، وأن العبد إذا مات على توحيده لا يضرّه ما اقترف من الآثام، واجترح من السيئات.