نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 341
الكبائر الذين يدخلون النار، فلا يلزم إذا وافي بالإيمان، أن يكون من أهل الجنة. وهذا اللازم لقولهم يدل على فساده؛ لأن الله وعد المؤمنين بالجنة، وكذلك قالوا: لا سيما والله سبحانه وتعالى يقول: {وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ} الآية [التوبة: 72] . قال: فهؤلاء يعني القائلين بالموافاة جعلوا الثبات على هذا التصديق، والإيمان الذي وصفناه إلى العاقبة والوفاء به في المآل شرطًا في الإيمان شرعًا، لا لغة، ولا عقلاً. قال: وهذا مذهب سلف أصحاب الحديث والأكثرين، قال: وهو اختيار الإمام أبي بكر بن فُورَك، وكان الإمام محمد بن إسحاق ابن خزيمة يغلو فيه، وكان يقول: من قال: أنا مؤمن حقًا فهو مبتدع.
وأما مذهب سلف أصحاب الحديث؛ كابن مسعود وأصحابه، والثوري وابن عيينة، وأكثر علماء الكوفة، ويحيى بن سعيد القطان فيما يرويه عن علماء أهل البصرة، وأحمد ابن حنبل وغيره من أئمة السنة، فكانوا يستثنون في الإيمان. وهذا متواتر عنهم، لكن ليس في هؤلاء من قال: أنا أستثنى لأجل الموافاة، وأن الإيمان إنما هو اسم لما يوافي به العبد ربه، بل صرح أئمة هؤلاء بأن الاستثناء إنما هو لأن الإيمان يتضمن فعل الواجبات، فلا يشهدون لأنفسهم بذلك، كما لا يشهدون لها بالبر والتقوى، فإن ذلك مما لا يعلمونه وهو تزكية لأنفسهم بلا علم، كما سنذكر أقوالهم إن شاء الله في ذلك.
وأما الموافاة، فما علمت أحدًا من السلف علل بها الاستثناء، ولكن كثير من المتأخرين يعلل بها، من أصحاب الحديث من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وغيرهم، كما يعلل بها نظارهم كأبي الحسن الأشعري وأكثر أصحابه، لكن ليس هذا قول سلف أصحاب الحديث.
ثم قال: إن قال قائل: إذا قلتم: إن الإيمان المأمور به في الشريعة، هو ما وصفتموه بشرائطه، وليس ذلك متلقى من اللغة، فكيف يستقيم قولكم: إن الإيمان لغوي؟ قلنا: الإيمان هو التصديق لغة وشرعًا، غير أن الشرع ضم إلى
نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 341