نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 350
فإن الرجل يعلم من نفسه أنه ليس بكافر، بل يجد قلبه مصدقًا بما جاء به الرسول، فيقول: أنا مؤمن، فيثبت أن الإيمان هو التصديق، لأنك تجزم بأنك مؤمن، ولا تجزم بأنك فعلت كل ما أمرت به، فلما علم السلفمقصدهم، صاروا يكرهون الجواب، أو يفصلون في الجواب، وهذا لأن لفظ [الإيمان] فيه إطلاق وتقييد، فكانوا يجيبون بالإيمان المقيد، الذي لا يستلزم أنه شاهد فيه لنفسه بالكمال؛ ولهذا كان الصحيح أن يجوز أن يقال: أنا مؤمن بلا استثناء إذا أراد ذلك، لكن ينبغي أن يقرن كلامه بما يبين أنه لم يرد الإيمان المطلق الكامل؛ ولهذا كان أحمد يكره أن يجيب على المطلق بلا استثناء يقدمه.
وقال المروزي: قيل لأبي عبد الله: نقول: نحن المؤمنون؟ فقال: نقول: نحن المسلمون، وقال أيضًا قلت لأبي عبد الله: نقول: إنا مؤمنون؟ قال: ولكن نقول: إنا مسلمون، ومع هذا فلم ينكر على من ترك الاستثناء إذا لم يكن قصده قصد المرجئة أن الإيمان مجرد القول، بل يكره تركه لما يعلم أن في قلبه إيمانًا، وإن كان لا يجزم بكمال إيمانه.
قال الخلال: أخبرني أحمد بن أصرم المزني، أن أبا عبد الله قيل له: إذا سألني الرجل فقال: أمؤمن أنت؟ قال: سؤالك إياي بدعة، لا يشك في إيمانه، أو قال: لا نشك في إيماننا.
قال المزني: وحفظي أن أبا عبد الله قال: أقول كما قال طاوس: آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله.
وقال الخلال: أخبرني حرب بن إسماعيل، وأبو داود، قال أبو داود: سمعت أحمد: قال: سمعت سفيان يعني: ابن عيينة يقول: إذا سئل: أمؤمن أنت؟ لم يجبه، ويقول سؤالك إياي بدعة، ولا أشك في إيماني، وقال: إن قال: إن شاء الله، فليس يكره، ولا يداخل الشك، فقد أخبر عن أحمد أنه قال: لا نشك في إيماننا، وأن السائل لا يشك في إيمان المسؤول، وهذا أبلغ، وهو إنما يجزم، بأنه مقر مصدق بما جاء به الرسول، لا يجزم بأنه قائم بالواجبات.
فعلم أن أحمد وغيره من السلف، كانوا يجزمون ولا يشكون في وجود ما في القلب، من الإيمان في هذه الحال، ويجعلون الاستثناء عائدًا إلى الإيمان المطلق
نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 350