الشافعي: (يكفر من تعمد الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم ولو لم يستحله، والجمهور على أنه لا يكفر بذلك، ولكنه يفسق وتُردّ رواياته كلها، ويبطل الاحتجاج بجميعها) [1] .
فكثير من البدع التي أُحدثت، قد اعتمد محدثوها على أحاديث ضعيفة بل أكثرها موضوع، كالذين اخترعوا أذكاراً وأدعية خاصة لبعض الشهور، وتخصيص بعض الشهور بالصيام أو العمرة، والتوسيع على أهل البيت في عاشوراء والاكتحال فيه والاختضاب، وغير ذلك من البدع التي هي موضوع بحثنا هذا. فلو كان لهم علم بالسنة، ما اعتمدوا على هذه الأحاديث الموضوعة التي سبق وذكرت أنه لا يعتمد عليها أبداً لا في الفضائل ولا في غيرها.
أما من دعا إلى هذه البدع، معتمداً على هذه الأحاديث الموضوعة مع علمه بأنها موضوعة، فهذا من أصحاب الهوى المتّبع الذين تقدم ذكرهم ومن المتبعين للمتشابه، القاصدين هدم الإسلام ومحاربة أهله، والتشويش على الناس في دينهم متخذين في ذلك أساليب مُقنَّعة، ومن ثم تركهم للسنن ثم الواجبات، مكتفين بما أحدث من هذه البدع.
ب- الجهل بمكانة السنة من التشريع.
إذا كان الجهل بقواعد الحديث- التي يتم على أساسها الحكم عليه بالقبول أو الردّ- قد أدّى إلى الوضع، ودخول ما ليس من السنة فيها، ومعارضة ما ثبت منها به، فإن الجهل بمكانة السنة من الشرع قد أدَّى إلى الخروج عن حد الاتباع، الذي وجهت الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة إليه، تحت دعوى موافقة العقل ونحو ذلك.
ومن أظهر المواقف الشائعة فيما يتصل بهذا الموضوع - موضوع إنكار ما ثبت بالسنة الصحيحة صريحاً واضحاً تحت زعم موافقة العقل - إنكار من أنكر رؤية الله في الآخرة، أو نزول المسيح آخر الزمان، أو عذاب القبر ونحو ذلك.
وانقسم المبتدعة في موقفهم من السنة كأساس تشريعي إلى قسمين:
1- قسم أنكر ما عدا القرآن جملة وتفصيلاً.
2- وقسم أنكر أخبار الآحاد. [1] - يراجع: شرح النووي على صحيح مسلم (1/69) ، المقدمة