وقالوا: كنا قتله، فقاتلهم على- رضي الله عنه-.
وأصل مذهبهم -الخوارج - تعظيم القرآن وطلب اتباعه، لكن خرجوا عن السنة والجماعة، فهم لا يرون اتباع السنة، التي يظنون أنها تخالف القرآن، كالرجم ونصاب السرقة وغير ذلك.... فضلُّوا، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم بما أنزل الله عليه، والله قد أنزل عليه الكتاب والحكمة، وجوزوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون ظالماً، فلم ينقادوا لحكم النبي صلى الله عليه وسلم، ولا لحكم الأئمة بعده، بل قالوا: إن عثمان وعلياً ومن والاهما قد حكموا بغير ما أنزل الله {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [1] فكفَّروا المسلمين بهذا وبغيره، وتكفيرهم وتكفير سائر أهل البدع مبني على مقدمتين باطلتين:
إحداهما: أن هذا يخالف القرآن.
والثانية: أن من خالف القرآن يكفر، ولو كان مخطئاً، أو مذنباً معتقداَ للوجوب والتحريم، وبإزاء الخوارج ظهرت الشيعة. غلوا في الأئمة وجعلوهم معصومين، يعلمون كل شيء، وأوجبوا الرجوع إليهم في جميع ما جاءت به الرسل، فلا يعرجون لا على القرآن ولا على السنة، بل على قول من ظنوه معصوماً.
وانتهى الأمر إلى الائتمام بإمام معدوم لا حقيقة له، فكانوا أضل من الخوارج. فإن أولئك يرجعون إلى القرآن وهو حق وإن غلطوا فيه، وهؤلاء لا يرجعون إلى شيء بل إلى معدوم لا حقيقة له، ثم إنما يتمسكون بما ينقل لهم عن بعض الموتى، فيتمسكون بنقل غير مصدق، عن قائل غير معصوم، ولهذا كانوا أكذب الطوائف.
والخوارج صادقون فحديثهم من أصح الحديث، وحديث الشيعة من أكذب الحديث (2) [1] - سورة المائدة: الآية44.
(2) - يراجع: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (13/208، 209) ، وكتاب الفرقان بين الحق والباطل لابن تيمية ص (226، 227) .