والاختلاف، بعد مجيء البينات، الكتاب والسنة؛ حتى لا نكون كالأمم السابقة التي تفرقت واختلفت بسبب بدعهم وأهواءهم. وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)) [1] .
وقال صلى الله عليه وسلم: ((أبغض الرجال إلى الله الألد الخصِم)) [2] والألد الخصم: أي شديد الخصومة، واللدد: الخصومة الشديدة (3)
4- اتباع الهوى:
ومن آثار البدع: اتباع أهلها لأهوائهم وعدم التقيد بما شرع الله. ولاشك أن هذا عين الضلال، قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ} [4] ، وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [5] . واتباع الهوى أمر باطن لا يظهر، ولكن يتبين بعرض أعمال صاحبه على الشرع، فعند عرضها على الشرع نرى أنها لا تمثل إلا هوى صاحبها، ولا تصدر إلا من مبتدع جاهل، يقول في الأمور بغير علم، وخاصة أمور الدين.
5- مفارقة الجماعة:
ومن آثار البدع: مفارقة أهلها الجماعة، وشق عصا الطاعة على جماعة المسلمين؛ لأنهم اعتمدوا على أهوائهم، ومن اتبع هواه خرج عن جادة الصواب، وقد حذَّر الله من ذلك بقوله عز وجل: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ.....} [6] . [1] - رواه مالك في الموطأ (2/990) كتاب الكلام، حديث رقم (20) . ورواه مسلم في صحيحه (3/1340) كتاب الأقضية، حديث رقم (1715) . [2] - رواه البخاري في صحيحه المطبوع مع فتح الباري (13/180) كتاب الأحكام، حديث (7188) . رواه مسلم في صحيحه المطبوع مع شرح النووي (4/2054) كتاب العلم حديثرقم (2668) . .
(3) - يراجع: النهاية في غريب الحديث والأثر (4/244) ، باب (لدد) . [4] - سورة القصص: الآية50. [5] - سورة الجاثية: الآية23. [6] - سورة آل عمران: الآية105.