بالمعروف ولينه عن المنكر، ومن يكذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) [1] .
وقال عليه الصلاة والسلام: ((مثل القائم على حدود الله، والمدهن [2] فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة في البحر، فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها يصعدون فيستقون الماء، فيصيبون على الذين في أعلاها، فقال الذين في أعلاها: لا ندعكم تصعدون فتؤذوننا، فقال الذين في أسفلها: فإنا ننقبها في أسفلها فنستقي، فإن أخذوا على أيديهم فمنعوهم نجوا جميعاً، وإن تركوهم غرقوا جميعاً)) (3)
ففي هذا الحديث تحذير منه صلى الله عليه وسلم عن عاقبة السكوت عن المنكرات والبدع، وقد مثَّل النبي صلى الله عليه وسلم بركاب السفينة - وما أحسن التمثيل - فإن سكوت المسلمين عن أهل المنكر والمبتدعة، يؤدي إلى تفشي هذه المنكرات والبدع في المجتمعات، مما يجعلهم مستحلين للعقوبة، فإذا نزلت العقوبة شملت الفاعل والراضي بالفعل، فالأول لمباشرته المنكر، والثاني لسكوته عن الإنكار.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه فتدعونه فلا يستجيب لكم)) [4] .
ولكن قد يستدل بعض الناس بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [5] ، على أن الإنسان ليس مسئولاً إلا عن نفسه وتصرفاته، ولا شأن له بالآخرين وما يفعلونه.
فالجواب على ذلك ما قاله أبو بكر الصديق - رضي الله عنه- قال: ((يا أيها الناس! إنكم [1] - رواه الإمام أحمد في مسنده (1/389) . ورواه الترمذي في سننه (3/357) أبواب الفتن، حديث رقم (2358) ، وقال: حديث حسن صحيح. [2] - المدهن - بضم الميم وسكون الدال وكسر الهاء -: المراد به من يرائي ويضيع الحقوق ولا يغير المنكر، والمدهن والمداهن واحد. يراجع: تحفة الأحوذي (394) ، ولسان العرب (13/162) مادة (دهن) .
(3) - رواه الإمام أحمد في مسنده (1/268) . ورواه الترمذي في سننه (3/318) أبواب الفتن، حديث رقم (2264) ، وقال: حديث حسن صحيح. [4] - رواه الإمام أحمد في مسنده (1/388، 389) . ورواه الترمذي في سننه (3/316، 317) أبواب الفتن، حديث رقم (2259) ، وقال: حديث حسن. [5] -سورة المائدة: الآية105.