الله بهيئة اجتماع على صوت واحد، أو التزم بعبادات معينة في أوقات معينة، من غير أن يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان وقيامه، وفي الطهارة كأن يكون عند شخص ماء ساخن، وماء بارد شديد البرودة، في أيام شديدة البرد، فيترك الماء الساخن، ويأخذ بالطريق الأصعب فيأخذ الماء الشديد البرودة، وهذا تشديد على النفس، فلم يعطها حقها، ولا حجة له في الحديث الذي ورد فيه رفع الدرجات بإسباغ الوضوء على المكاره، فإن هذا لمن لم يجد وسيلة لتسخين الماء، فيجاهد نفسه ويتوضأ بالماء البارد.
فهذه العبادات: الصوم، والذكر، والصلاة، والطهارة، كلها عبادات مشروعة، أمر بها الشارع، ورغب فيها، وحث عليها، وبين جزيل ثوابها، ولكن هذه الكيفيات والهيئات التي أدخلت عليها، عمل لا دليل عليه من الشارع، والبدعة في الدين كيفما كانت صفتها فهي استدراك على الشرع وافتيات عليه، والله يقول {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [1].
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وقد رأى قوما اجتمعوا على الذكر فقال لهم: لقد جئتم ببدعة ظلما، أو لقد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما، أو إنكم لتمسكون بذنب ضلالة.
ومنها: بدعة المولد، فإن محبة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة على كل مسلم، ولا يتم إيمان المسلم حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين، كما في صحيح البخاري، ولكن محبته هي طاعته ومتابعته، أي: امتثال أمره، واجتناب نهيه، وقد نهى عن البدع وحذر منها، وقال: "كل محدثة بدعة"، وقال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" حديث متفق عليه، ولم يثبت عنه ولا عن خلفائه، ولا عن الصحابة، ولا علماء السنة المتبوعين من عمل مولدًا، وإنما هذا المولد أحدثه الفاطميون العبيديون الرافضة الذين يرجع نسبهم إلى المدّعي النسب الفاطمي وهو يهودي من سلمية. [1] سورة المائدة، الآية: 3.