الباب الثاني: موقف البيهقي من الإلهيات الفصل الأوّل: منهج البيهقي في إثبات وجود الله
1 - تمهيد.
2 - منهج البيهقي.
3 - طريق النظر إلى المخلوقات.
4 - طريق المعجزة.
5 - طريق الحدوث.
تمهيد:
يعتبر الإيمان بوجود الله تعالى أصل الأصول في الدين، وهذا الإيمان أمر فطري في البشر جميعاً، إذ كل إنسان يقر بوجود الله تعالى - منذ عهد آدم عليه السلام، والعقل البشري يدرك هذه الحقيقة الجلية، بما أودع الله فيه من ضرورة يحس بها، دون أن يكون بحاجة إلى منهج مرسوم يسلكه للتعرف على خالقه، بارئه ومكونه، موجده من العدم، وميسر رزقه وتقلبه في هذه الحياة، إذ كانت الإشارات التي تشير إلى الله أكثر من أن تحصى، إنها تنبعث من كل موجود، من النبتة الصغيرة الملتصقة بالأرض، إلى النخلة الباسقة الذاهبة في السماء ومن النمل يدب على الأرض إلى النسور المحلقة في الفضاء.
بل من كل كائن في الأرض، إلى كل كوكب ونجم في السماء، كل هذه المخلوقات تشير إلى هذه الحقيقة، إشارة ضرورة لازمة، وحتمية مطلقة، فهي من الأمور القطعية، التي تضافرت الأدلة الحسية على إثباتها، يشهد لذلك قول ذلك الأعرابي: "البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير ليل داج، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، أفلا تدل على الصانع الخبير؟ "1
1 من خطبة لقس بن ساعده. انظر: جوهر الأدب لأحمد الهاشمي2/19، والبيان والتبيين للجاحظ1/163.