الفصل الرابع: الصفات العقلية
تمهيد:
تقدم لنا معرفة الضابط الذي وضعه البيهقي لهذه الصفات وهو تعريفه لها بياضا ماكان طريق إثباته أدلة العقول مع ورود السمع به[1] بمعنى أن الله تعالى وصف نفسه بها، ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، ودلت عليها العقول. وكما اتضح لنا من التقسيم الذي تبناه البيهقي كما سبق بيانه في الفصل السابق، فإن هذه الصفات منها ما هو ذاتي، ومنها ماهو فعلي. وقبل أن أبدأ تفصيل موقف البيهقي من هذه الصفات أرى من المناسب أن أذكر بين يدي ذلك عرضاً موجزاً لآراء الفرق الإسلامية فيها، حتى يتبين لنا موقع رأي البيهقي منها فأقول:
إن من أبرز تلك الطوائف التي وقع بينها النزاع حول هذه الصفات خمس فرق هي: الجهمية، والمعتزلة، والفلاسفة، وهذه تمثل فريق النفاة، والكرامية والأشاعرة، وهاتان الفرقتان تمثلان فريق المثبتين.
فأما الجهمية: أتباع الجهم بن صفوان، فهؤلاء ينفون صفات الله تعالى نفياً قاطعاً، فيرون أن كل صفة يجوز إطلاقها على الإنسان فإنه لا يجوز أن يوصف بها الباري سبحانه، لأن في ذلك تشبيهاً لله بخلقه وفي بيان رأي هذه الفرقة في الصفات يقول البغدادي: [1] الاعتقاد ص: 21 وقد تقدم.