السادس: إن كان ما صح أن تتعلق به إرادته جاز فعله..
والقول بأن الحوادث لها أوّل يلزم منه التعطيل قبل ذلك وأن الله سبحانه وتعالى لم يزل غير فاعل ثم صار فاعلاً. ولا يلزم من ذلك قدم العالم، لأن كل ما سوى الله تعالى محدث ممكن الوجود، موجود بإيجاد الله تعالى له، ليس له من نفسه إلاّ العدم، والفقر والاحتياج وصف ذاتي لازم لكل ما سوى الله تعالى، والله تعالى واجب الوجود لذاته غني لذاته، والغني وصف ذاتي لازم له سبحانه وتعالى[1].
فالقول بدوام الحوادث أزلاً وأبداً، هو الذي يتفق مع النصوص الشرعية التي تثبت لله سبحانه وتعالى كل كمال، وتنزهه عن كل نقص وأي كمال أوفى من إثبات ما أثبته لنفسه، ونفي ما نفاه عنها.
أما ما ذكره الإمام الغزالي من حل لمشكلة التسلسل وهو القول بأن الله تعالى متصف في الأزل بأنه فاعل بالقوة لأنه قادر على الفعل وليس فاعلاً حقيقة، والذي يبينه بقوله:
" ... والكشف للغطاء عن هذا أن السيف في الغمد يسمى صارماً، وعند حصول القطع به، وفي تلك الحالة على الاقتران يسمى صارماً، وهما بمعنيين مختلفين فهو في الغمد صارم بالقوة، وعند حصول القطع صارم بالفعل، فمعنى تسمية السيف في الغمد صارماً أن الصفة التي يحصل بها القطع في الحال لا يتصور في ذات السيف وحدته واستعداده، بل لأمر آخر وراء ذاته، [1] شرح الطحاوية ص: 75-76.