وما إن توفي هذا السلطان، حتى دب النزاع بين ولديه بشأن الملك مما شجع السلاجقة على تجميع صفوفهم، وإعادة كرتهم في محاولة الاستيلاء على خراسان، حتى تمكنوا من ذلك سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وأعلنوا قيام دولتهم في هذا التاريخ، إلا أن اعتراف الخليفة العباسي بهما تأخر حتى عام اثنين وثلاثين وأربعمائة [1] .
وهذا من أوضح الشواهد على ضعف سلطان الخليفة، لأن حدوث الخلافات بين الأمراء في الولايات التابعة له، واقتتالهم من أجل السلطة وعدم تدخله لحسم النزاع فيما بينهم، إلى حين تمام الغلبة لأحد الفريقين فيكون تدخله حينئذ قاصراً على الاعتراف بالسلطة الجديدة، التي تمت دون إرادة منه، ذلك كله يدل على أنه لم يكن له حول ولا طول، وأنه مغلوب على أمره.
وقد بلغ من تحرج مركزه وضعفه، وانتزاع سلطانه منه، أن عمت الفوضى البلاد، وكثر فيها الفساد.
أما بقية أنحاء العالم الإسلامي، فلم تكن بأحسن حالاً من المشرق فقدكانت مشتتة على رأس كل منها أمير أو خليفة،. فالأمويون في الأندلس ينازهم العلويون من ذرية إدريس بن عبد الله، فكانت الحال هناك في اضطراب يشبه ما كان في المشرق، ويزيد عليه [2] . [1] العبر في ديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون3/452. [2] تاريخ الأمم الإسلامية للخضري2/400.