وذكر ردّ ابن الأعرابي من علماء اللغة على رجل قال له: إنما معنى استوى استولى، فقال له ابن الأعرابي ما يدريك؟ العرب لا تقول استولى على العرش فلان حتى يكون له فيه مضاد، فأيهما غلب قيل قد استولى عليه، والله تعالى لا مضاد له فهو على عرشه كما أخبر[1].
وهذه الآراء التي ذكرها البيهقي تعتبر من أشهر الآراء في مسألة الأستواء، وإلا فهناك آراء أخرى، ولكن لا داعي لاستقصائها لأن الذي يهمنا هنا هو تحديد رأي البيهقي، ومن ثم معرفة المذهب الصحيح في هذه الصفة.
وقد تحدد لنا رأي البيهقي أنه التفويض، الذي زعم أنه مذهب السلف، بعباراته التي نقلها عنهم في أكثر من مكان.
وممن ذهب إلى القول بأن مذهب السلف التفويض الإمام السيوطي حيث قال: "وجمهور أهل السنة، منهم السلف، وأهل الحديث على الإيمان بها، وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى، ولا نفسرها مع تنزيهنا له عن حقيقتها"[2]. ونقل السيوطي الرأي نفسه عن الرازي أيضاً[3].
وممن نسب التفويض إلى السلف الشيخ عبد العظيم الزرقاني في مناهل العرفان حيث قال: "مذهب السلف ويسمى مذهب المفوضة ... وهو تفويض معاني هذه المتشابهات إلى الله وحده، بعد تنزيهه تعالى عن ظواهرها المستحيلة[4]. [1] المصدر نفسه ص: 415. [2] الإتقان في علوم القرآن للسيوطي2/6. [3] المصدر نفسه. [4] مناهل العرفان2/182-183.