أمّا النزول فقد أورد حديثه المشهور المروي عن أبي هريرة رضي الله عنهقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل الله إلى السماء الدنيا لشطر الليل - أو لثلث الليل - الأخير فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ أو يسألني فأعطيه؟ ثم يقول: من يقرض غير عدوم ولا ظلوم" [1].
وقد أورده بروايات متعددة عن مجموعة من الصحابة رضوان الله عليهم وهذه نصوص قطعية من الكتاب والسنة في إثبات هذه الصفات، ولكن ما هي الطريق التي اختارها البيهقي لتوجيه ما جاء فيها؟.
الواقع أن البيهقي قد وجدته هنا كحاله عند الحديث عن الاستواء حيث كان أوّل شيء بعد هذه النصوص هو سياقه لرأي أبي الحسن الأشعري بطريقة تشعر برضاه عنه.
فقد قال: "وأما الإتيان والمجيء فعلى قول أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه: يحدث الله تعالى يوم القيامة فعلاً يسميه إتياناً ومجيئاً، لا بأن يتحرك، أو ينتقل فإن الحركة والسكون والاستقرار من صفات الأجسام، والله تعالى أحد صمد ليس كمثله شيء، وهذا كقوله عز وجل: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ} [2]، ولم يرد به إتياناً من حيث النقلة، وإنما أراد إحداث الفعل الذي به خرب بنيانهم وخر عليهم السقف من فوقهم، فسمّى ذلك الفعل إتياناً. [1] الأسماء والصفات ص: 448. ورواه البخاري في كتاب التوحيد، رقم: 7494، 13/464، ومسلم حديث رقم: 758، 1/521. [2] سورة النحل آية: 26.