بيان ما بالمسلمين إليه الحاجة من أمر دينهم، فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذكر النزول غير متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية، إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف كيفية النزول. وفي هذه الأخبار ما بان وثبت وصح أن الله جل وعلا فوق سماء الدنيا، الذي أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه ينزل إليه إذ محال في لغة العرب أن يقول ينزل من أسفل إلى أعلا، ومفهوم في الخطاب أن النزول من أعلا إلى الأسفل"[1].
فالسلف يثبتون النزول لله تبارك وتعالى إثباباً حقيقياً على ما هو متبادر وظاهر اللفظ الوارد وكذلك الإتيان والمجيء.
والتنزيل والإنزال حقيقة مجيء الشيء، أو الإتيان به من علو إلى أسفل، هذا هو المفهوم منه لغة وشرعاً، ذكر ذلك ابن القيم - رحمه الله[2].
وهكذا يتضح لنا أن رأي البيهقي القائل بالتفويض لهذه الصفات مخالف لرأي السلف القائل بإثباتها لله تبارك وتعالى على ظاهر المعنى المتبادر منها مع نفي الشبيه عنها.
ولكن البيهقي مع موقفه هذا القائل يتفويض هذه الصفات وعدم معرفة مراد الله منها، فإنه يجزم أنه لا يريد بها إثبات حركة وانتقال له سبحانه، ولذلك أورد نقد الخطابي لمن أثبت ذلك حيث قال: "وقد زل [1] كتاب التوحيد ص: 125-126، ويعني بآخر كلامه أن نزوله إلى السماء الدنيا يقتضي وجوده فوقها، فإنه انتقال من علوّ إلى أسفل. كذا قال المعلق الدكتور محمّد خليل هراس. رحمه الله. [2] مختصر الصواعق المرسلة2/217.