فقد ذهب - رحمه الله - إلى اعتقاد أن أفعال العباد جميعها مخلوقة ومقدرة لله سبحانه وتعالىمستدلاً على ذلك بما ورد في كتاب الله تعالى حيث قال - رحمه الله: قال الله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [1]. فدخل فيه الأعيان والأفعال من الخير والشر وقال: {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ} [2]. فنفى أن يكون خالق غيره، ونفى أن يكون شيء سواه غير مخلوق فلو كانت الأفعال غير مخلوقة لكان الله سبحانه خالق بعض الأشياء دون جميعها، وهذا خلاف الآية.
ومعلوم أن الأفعال أكثر من الأعيان فلو كان الله خالق الأعيان والناس خالقي الأفعال لكان خلق الناس أكثر من خلقه، ولكانوا أتم قوة منه، وأولى بصفة المدح من ربّهم سبحانه. ولأن الله تعالى قال: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [3]. فأخبر أن أعمالهم مخلوقة لله عز وجل"[4].
إلى غير ذلك من الآيات التي استدل بها البيهقي على أن الله عز وجلخانق لجميع أفعال عباده خيرها وشرها.
ومما ذهب إليه البيهقي - رحمه الله - أن أفعال العباد جميعها مقدرة لله تبارك وتعالى، لا يخرج شيء منها عن قدرته ومشيئته، لأن مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله تعالى. واستدل لذلك بقوله سبحانه: {وَمَا [1] سورة غافر آية: 62. [2] سورة الرعد آية: 16. [3] سورة الصفات آية: 96. [4] الاعتقاد ص: 60.