فقد ذهب – رحمه الله – إلى أن قدرة العبد لا تأثير لها في فعله، مستدلاً بقوله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [1]. وقوله سبحانه: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [2]. حيث قال مبيناً وجه استدلاله: "فسلب عنهم فعل القتل والرمي والزرع، مع مباشرتهم إياه، وأثبت فعلها لنفسه، ليدل بذلك على أن المعنى المؤثر في وجودها بعد عدمها هو إيجاده وخلقه، وإنما وجدت من عباده مباشرة تلك الأفعال بقدرة حادثة أحدثها خالقنا عز وجلعلى ما أراد، فهي من الله سبحانه خلق، على معنى أنه هو الذي اخترعها بقدرته القديمة، وهي من عباده كسب على معنى تعلق قدرة حادثة بمباشرتهم التي هي إكسابهم"[3].
ثم أردف ذلك بذكر عبارة شيخه أبي الطيب الصعلوكي ملخصاً المبدأ الذي عناه البيهقي حيث قال راوياً عنه: "وكان الإمام أبو الطيب سهل بن محمّد بن سليمان يعبر عن هذا بعبارة حسنة فيقول: فعل القادر القديم خلق، وفعل القادر المحدث كسب فتعالى القديم عن الكسب وجل، وصغر المحدث عن الخلق وذل"[4].
وهذا تصريح من البيهقي ينفي تأثير قدرة العبد في فعله ويثبت له مجرد الكسب الذي اشتهر القول به عن جمهور الأشاعرة والمعروف بكسب الأشعري، يقول الآمدي - حاكياً مذهب هؤلاء القوم - وذهب [1] سورة الأنفال آية: 17. [2] سورة الواقعة آية: 64. [3] الاعتقاد ص: 60، والقضاء والقدر ل: 26. [4] الاعتقاد ص: 61.