كان كذلك فهو ليس بآخذٍ حتى بالقرآن؛ لأن الله قد أمر في كتابه في آيات عديدة بالأخذ بالسنة والتمسك بها، ولذا لا يكون العبد متمسكاً بالقرآن إلا إذا أخذ بالسنة، فلا بد من الأخذ بالأمرين معاً.
قال الله تعالى آمراً أمهات المؤمنين: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً} (الأحزاب:34)
وقال سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (الحشر: من الآية7)
الشطر الأول من البيت وهو قوله: (تمسك بحل الله واتبع الهدي) فيه تحديدٌ للمصدر في التلقي، ولما حدده حذر من مخالفته فقال: (ولا تك بدعياً) .
وهو بهذا السياق يشير إلى أصل مهم وهو: أن من نخلى عن حبل الله وتخلى عن السنة فهو آخذ بسبيل بدعة وضلالة؛ ولذا عرف بعض أهل العلم البدعة: بما ليس بالسنة.
فالناظم رحمه الله يقول: ولا تك بدعياً بترك الكتاب والسنة، وهو بهذا يشير إلى الهُوَة العميقة التي سقط فيها المبتدعة جميعاً، وهي تركهم للكتاب والسنة، وإلا كانوا أهل سنة وجماعة، ولما كانوا أهل أهواء وبدع، فالبدعي هو: من ترك الكتاب والسنة ولم يتلق عنهما، ولم يأخذ دينه منهما.
ومن نظر إلى عامة أهل البدع وجد أن منشأ ضلالتهم هو عدم التمسك بالكتاب والسنة، إما بالاعتماد على العقول والآراء، أو المنامات، أو الحكايات، أو غير ذلك مما جعله أهل الأهواء مصدراً لهم في الاستدلال.