responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوحيد نویسنده : عبده، محمد    جلد : 1  صفحه : 58
وسره ومكنونه ويجدون فى ذَلِك لَذَّة الْإِطْلَاق عَن قيود الْأَوَامِر والنواهى بل عَن محابس الحشمة الَّتِى تضمهم إِلَى الْتِزَام مَا يَلِيق وتحجزهم عَن مقارفة مَالا يَلِيق كَمَا هُوَ حَال غير الْإِنْسَان من الْحَيَوَان فَإِذا عرض عَلَيْهِم شىء من الْكَلَام فى النبوات والأديان وهم من أنفسهم هام بالإصغاء دافعوه بِمَا أُوتُوا من الِاخْتِيَار فى النّظر وَانْصَرفُوا عَنهُ وَجعلُوا أَصَابِعهم فى آذانهم حذر أَن يخالط الدَّلِيل أذهانهم فيلزمهم العقيدة وتتبعها الشَّرِيعَة فيحرموا لَذَّة مَا ذاقوا وَمَا يحبونَ أَن يتذوقوا وَهُوَ مرض فى الْأَنْفس والقلوب يستشفى مِنْهُ بِالْعلمِ إِن شَاءَ الله
قلت أى اسْتِحَالَة فى الوحى وَأَن ينْكَشف لفُلَان مَالا ينْكَشف لغيره من غير فكر وَلَا تَرْتِيب مُقَدمَات مَعَ الْعلم أَن ذَلِك من قبل واهب الْفِكر ومانح النّظر مَتى خفت الْعِنَايَة من ميزته هَذِه النِّعْمَة
مِمَّا شهِدت بِهِ البديهة أَن دَرَجَات الْعُقُول مُتَفَاوِتَة يَعْلُو بَعْضهَا بَعْضًا وَأَن الْأَدْنَى مِنْهَا لايدرك مَا عَلَيْهِ الْأَعْلَى إِلَّا على وَجه من الْإِجْمَال وَأَن ذَلِك لَيْسَ لتَفَاوت الْمَرَاتِب فى التَّعْلِيم فَقَط بل لَا بُد مَعَه من التَّفَاوُت فى الْفطر الَّتِى لَا مدْخل فِيهَا لاختيار الْإِنْسَان وَكَسبه وَلَا شُبْهَة فى أَن من النظريات عِنْد بعض الْعُقَلَاء مَا هُوَ بديهى عِنْد من هُوَ أرقى مِنْهُ وَلَا تزَال الْمَرَاتِب ترتقى فى ذَلِك إِلَى مَالا يحصره الْعدَد وَإِن من أَرْبَاب الهمم وكبار النُّفُوس مَا يرى الْبعيد عَن صغارها قَرِيبا فيسعى إِلَيْهِ ثمَّ يُدْرِكهُ وَالنَّاس دونه يُنكرُونَ بدايته ويعجبون لنهايته ثمَّ يألفون مَا صَار إِلَيْهِ كَأَنَّهُ من الْمَعْرُوف الذى لَا يُنَازع وَالظَّاهِر الذى لَا يجاحد فَإِذا أنكر مُنكر ثَارُوا عَلَيْهِ ثورتهم فى بادىء الْأَمر على من دعاهم إِلَيْهِ وَلَا يزَال هَذَا الصِّنْف من النَّاس على قلته ظَاهرا فى كل أمة إِلَى الْيَوْم
فَإِذا سلم وَلَا محبص عَن التَّسْلِيم بِمَا أسلفنا من الْمُقدمَات فَمن ضعف الْعقل والنكول عَن النتيجة اللَّازِمَة لمقدماتها عِنْد الْوُصُول إِلَيْهَا أَن لَا يسلم بِأَن من النُّفُوس البشرية مَا يكون لَهَا من نقاء الْجَوْهَر بِأَصْل الْفطْرَة مَا تستعد بِهِ من

نام کتاب : التوحيد نویسنده : عبده، محمد    جلد : 1  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست