كما قال تعالى: (واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل) [البقرة: 48] ، وقال: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) [المدثر: 48] ، وقال: (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) [غافر: 18] ، وقد جاءت النصوص مبينة أن الشفاعة عند الله لا تكون إلا بإذنه، ولا تكون إلا بعد أن يرضى عن الشافع والمشفوع له: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) [البقرة: 255] وقال: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) [الأنبياء: 28] ، وقال: (وكم من ملك في السماوات لا
تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) [النجم: 26] ، وقال عن الملائكة أيضاً: (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون) [الأنبياء: 28] ، وقال: (ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له) [سبأ: 23] .
فهذه النصوص تنفي الشفاعة التي أثبتها المشركون للملائكة والأنبياء والصالحين وتبطلها، وتثبت الشفاعة التي تكون بإذن الله ورضاه عن الشافع والمشفوع، والله لا يرضى عن الكفرة المشركين، أما عصاة أهل التوحيد، فيشفع فيهم الشافعون، ولا يشفعون لمشرك. روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قلت: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: " لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قِبل نفسه ". (1)
(1) رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، فتح الباري: (11/418) .