" ولعل المراد من كون هذه الأنهار من الجنة أن أصلها منها كما أن أصل الإنسان من الجنة، فلا ينافي الحديث ما هو معلوم مشاهد من أن هذه الأنهار تنبع من منابعها المعروفة في الأرض، فإذا لم يكن هذا هو المعنى أو ما يشبهه، فالحديث من أمور الغيب التي يجب الإيمان بها، والتسليم للمخبر عنها ". (1)
وقال القاري: " إنما جعل الأنهار الأربعة من أنهار الجنة، لما فيها من العذوبة والهضم، ولتضمنها البركة الإلهية، وتشرفها بورود الأنبياء إليها وشربهم منها ". (2)
ومن أنهار الجنة الكوثر الذي أعطاه الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنا أعطيناك الكوثر) [الكوثر: [1]] ، وقد رآه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحدثنا عنه، ففي صحيح البخاري عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " بينما أنا أسير في الجنة، إذ أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فإذا طيبه- أو طينه – مسك أذفر" شك هُدْبة. (3)
وقد فسر ابن عباس الكوثر بالخير الكثير الذي أعطاه الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو بشر لسعيد بن جبير راوي هذا التفسير عن ابن عباس: إن أناساً يزعمون أنه نهر في الجنة، فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه. (4)
وقد جمع الحافظ بن كثير الأحاديث التي أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيها عن [1] سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/18) .
(2) نقله عن الشيخ ناصر في تعليقه على مشكاة المصابيح: (3/80) .
(3) صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب في الحوض، فتح الباري: (11/464) ، وهدبة أحد رواة الحديث.
(4) صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب في الحوض، فتح الباري: (11/463) .