شبهة من قال النار لم تخلق بعد:
وقد ناقش شارح الطحاوية شبهة الذين قالوا: لم تخلق النار بعد، ورد عليها فقال:
"وأما شبهة من قال: إنها لم تخلق بعد، وهي: أنها لو كانت مخلوقة الآن لوجب اضطراراً أن تفنى يوم القيامة وأن يهلك كل من فيها ويموت، لقوله تعالى: (كل شيء هالك إلا وجهه ( [القصص: 88] ، و (كل نفس ذائقة الموت) [آل عمران: 185] ، وقد روى الترمذي في جامعه، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لقيت إبراهيم ليلة أسري بي، فقال: يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر " [1] . قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود. وفيه أيضاً من حديث أبي الزبير، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: " من قال سبحان الله العظيم وبحمده، غرست له نخلة في الجنة " [2] ، قال فيه الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قالوا: فلو كانت مخلوقة مفروغاً منها لم تكن قيعاناً، ولم يكن لهذا الغراس معنى. قالوا: وكذا قوله تعالى عن امرأة فرعون أنها قالت:
(رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة) [التحريم: 11] .
فالجواب: إنكم إن أردتم بقولكم إنها الآن معدومة بمنزلة النفخ في الصور [1] سنن الترمذي: 3462. وقال الشيخ ناصر في تعليقه على شرح الطحاوية ص: 106 وهو مخرج في الصحيحة. [2] وقال أيضاً في هذا الحديث: صحيح، وهو مخرج في المصدر السابق: 64. وهو في سنن الترمذي برقم: 3464.