المبحث الحادي: الجنة ليست ثمناً للعمل
الجنة شيء عظيم، لا يمكن أن يناله المرء بأعماله التي عملها، وإنما تنال برحمة الله وفضله، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لن يدخل أحد منكم عمله الجنة " قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه بفضل ورحمة ". (1)
وقد يشكل على هذا النصوص التي تشعر بأن الجنة ثمن للعمل، كقوله تعالى: (فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) [السجدة: 17] ، وقوله: (تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون) [الأعراف: 43] .
ولا تعارض بين الآيات وما دل عليه الحديث، فإن الآيات تدل على أن الأعمال سبب لدخول الجنة، وليست ثمناً لها. والحديث نفى أن تكون الأعمال ثمناً للجنة. وقد ضل في هذا فرقتان: الجبرية التي استدلت بالحديث على أن الجزاء غير مرتب على الأعمال، لأنه لا صنع للعبد في عمله، والقدرية استدلوا بالآيات، وقالوا: إنها تدل على أن الجنة ثمن للعمل، وأن العبد مستحق دخول الجنة على ربه بعمله.
(1) صحيح مسلم: (4/2170) ورقم الحديث: 2816.