المبحث السابع: النار تتكلم وتبصر
الذي يقرأ النصوص من الكتاب والسنة التي تصف النار يجدها مخلوقاً يبصر، ويتكلم، ويشتكي، ففي الكتاب العزيز أن النار ترى أهلها وهم قادمون إليها من بعيد، فعند ذلك تطلق الأصوات المرعبة الدالة على مدى حنقها وغيظها على هؤلاء المجرمين، قال تعالى: (إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً وزفيرا) [الفرقان: 12] .
وروى ابن جرير عن ابن عباس قال: " إن الرجل ليجر إلى النار، فتنزوي وينقبض بعضها إلى بعض، فيقول لها الرحمن: ما لك؟ فتقول: إنه يستجير مني، فيقول: أرسلوا عبدي. وإن الرجل ليجر إلى النار فيقول: يا رب ما كان هذا الظن بك، فيقول: ما كان ظنك؟ فيقول: أن تسعني رحمتك، فيقول: أرسلوا عبدي. وإن الرجل إلى النار، فتشهق إليه النار شهوق البغلة إلى الشعير، وتزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف ". (1)
وقد خرج الإمام أحمد والترمذي من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " يخرج يوم القيامة عنق من النار، لها عينان تبصران، وأذنان تسمعان، ولسان ينطق، تقول: إني وُكّلت بثلاثة: بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلها آخر، وبالمصورين " وصححه الترمذي. (2)
(1) ساق ابن كثير هذا الحديث في (النهاية) (2/21) وقال: (إسناده صحيح) . وانظره في تفسير ابن جرير: 18/187.
(2) التخويف من النار، ص 179، وانظر جامع الأصول: (10/518) ، وقال المحقق: إسناده حسن، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.