"الاعتبار ببقاء الجنة والنار" لتقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي المتوفى سنة 756.
وقال صديق حسن خان: "وقد ألف العلامة الشيخ مرعي الكرمي الحنبلي رسالة سماها: " توفيق الفريقين على خلود أهل الدارين "، وفي الباب رسالة للسيد الإمام محمد بن إسماعيل الأمير، ورسالة للقاضي العلامة المجتهد محمد بن علي الشوكاني، حاصلهما بقاء الجنة والنار وخلود أهلهما فيهما ". (1)
وهنا أمور نحب بيانها:
الأول: أن هذا القول قول باطل وإن ذهب إليه علمان من أعلام الإسلام، فقد علمنا شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم أن حب الحق ينبغي أن يكون مقدماً على حب الرجال. وأدلة بطلانه النصوص الكثيرة الدالة على خلود النار، وهي نصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة، وقد ذكرنا قول من نقل الإجماع على خلود النار.
الثاني: أنه لا يجوز بحال من الأحوال ذم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم بسبب هذه المقالة، فقد كفرهما قوم، وفسقهما قوم بسبب ذلك، وكل هذا ليس بصواب، فإنهما مجتهدان مأجوران مثابان، ولو علما الحق في خلاف قولهما لاتبعاه، ودعوى أن المخالف في مثل هذا يكفر قائله يوصل القائلين بهذا إلى تكفير أئمة هذه الأمة الذين لا يُمارى في إمامتهم، فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يذهب إلى أن المسافر إذا لم يجد الماء لا يتيمم ولا يصلي، وقد اتفقت الأمة على خلاف هذا، والإمام مالك كان يرى أن "بسم الله الرحمن الرحيم" ليست آية
(1) يقظة أولي الاعتبار، لصديق حسن خان: ص 42، ورسالة الصنعاني طبعها المكتب الإسلامي بييروت، وقد حققها وكتب لها مقدمة ضافية الشيخ ناصر الدين الألباني فأجاد.