وخلاصة هذا الأمر أن النطق بكلمة الكفر في الفتنة رخصة غيرها أولى منها، وأما قتل مسلم أو الاعتداء على عرضه باسم الاضطرار فغير جائز، وأما سبه أو تكفيره فالصحيح والعلم عند الله تعالى، أنه جائز شريطة الرجوع عن هذا بأول فرصة سانحة.
وهنا يجب أن ننبه إلى قوله تعالى: {ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم} (النحل: 106) .
إلا أن المسلم في حالة الضرورة وغيرها يضيق صدراً بالكفر وأهله، ويعلم أن القول الذي اضطر إليه إنما هو حال عارض، ورخصة عابرة، فإذا زال البلاء زالت. ومعنى هذا أن استساغة الفتنة والركون إليها وجعلها نهاية المطاف، وخاتمة السعي كفر بالله تبارك وتعالى وإبطال لجهاد المؤمن وسعيه. ولذلك قال الله تبارك وتعالى في شأن هؤلاء: {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أو ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين} (العنكبوت: 10) .