أخبره سبحانه وتعالى أنه وطنه، ولما عصى آدم وأهبطه الله إلى الأرض كانت فترة حياته عليها وحياة ذريته فترة اختبار وابتلاء يكون ثمرته العودة إلى الجنة لمن جاز هذا الاختبار بنجاح، ليدخل الجنة عن جدارة واستحقاق، والمصير إلى الجحيم لمن عطل القوى التي آتاها الله إليه، ولمن نسي التكريم الذي خلق من أجله. والاختبار والابتلاء إنما هو الأمر والنهي. قال العلماء من السلف في قول الله تبارك وتعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون} (المؤمنون: 115) قالوا: عبثاً أي سدى لا تؤمرون ولا تنهون..
وهذا الأمر والنهي هو التشريع سواء كان من العبادات أم المعاملات أم الأخلاق. فإذا كان مقصود الخلق هو الابتلاء بالأمر والنهي فإن التشريع في هذه الصورة يصبح واجباً ملزماً، وفرضاً لا يجوز مخالفته لأنه غاية في ذاته من خلق الخلق وقد تولى ربنا بنفسه سبحانه وتعالى أمر هذا التشريع وقال: {إن الحكم إلا لله} (الأنعام: 57) وقال تعالى: {ألا له الخلق والأمر} (الأعراف: 54) .
وعندما وضع الله التشريع للبشر على ألسنة رسله فقد أنزل ذلك بعلمه وحكمته فهو العليم سبحانه