حسن [1] يشرح لنا أهم الأسباب التي ساهمت في اشتعال الفتنة، ويحلل لنا أبعاد الموقف المتأزم - من وجهة نظره الخاصة باعتباره من المعاصرين لها وممن اكتوى بنارها - يقول وهو يخاطب الإمام عبد الله ابن فيصل رحمه الله: تفهم أن أول ما قام به جدك محمد وعبد الله، وعمك عبد العزيز أنها خلافة نبوة. يطلبون الحق ويعملون به ويقدمون ويغضبون له، ويرضون ويجاهدون، وكفاهم الله أعداءهم على قوتهم. إذا مشى العدو كسره الله قبل أن يصل؛ لأنها خلافة نبوة، ولا قاموا على الناس إلا بالقرآن والعمل به، كما قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ} [2] .. وصار أهل الأمصار يخافونهم. وأراد الله سبحانه إمارة سعود بعد أبيه يرحم الله الجميع، وأراد الله أن يغير طريقة والده الذي قبله، وبغاها ملكاً وبدأ الأمر. ينقص أمر الدين والدنيا تطغى.. وصار العاقبة القصور - التي بنيت بقناطير - والمقاصير - التي تنفذ فيها الأموال العظيمة - التي تسوى ثلاثة آلاف ما تسوى اليوم الاجديدة [3] لما جرى من تسليط الأعداء عليهم. هذا وهم على التوحيد. لكن ما أعطوه حقه. اشتغلوا بالدنيا ونضارتها وما فتح الله عليهم، وأعرضوا عما أوجب الله عليهم القيام به في أنفسهم وعلى الناس. فجرى ما جرى.. وهذا بسبب الغفلة عما أوجب الله؛ لأن الله اختار لهم أمراً [1] المجدد الثاني للدعوة ولد رحمه الله سنة 1193 وامتد به العمر إلى أن أدركه الأجل سنة 1285. " مشاهير علماء نجد" (/58) .. [2] سورة النور آية 55. [3] نوع من العملة قليل القيمة.