الكرامات حتى يرتقي في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء الشريعة –وقال سيد الطائفة الجنيد علمنا هذا (يعني التصوف) مقيد بالكتاب والسنة- وقال الإمام الكبير أبو الحسن النوري قرين الجنيد من رأيته يدعي مع الله تعالى حالة تخرجه عن حد العلم الشرعي فلا تقربن منه فإنه مبتدع لأن من لم تشهد الشريعة لأفعاله وأقواله فهو مبتدع وإن جرت عليه أحوال خارقة العادة لأن ذلك من جملة المكر به. وقال أبو القاسم النصر أباذي الصوفي الكبير: أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة وترك الأهواء والبدع. وسئل أبو علي الحسن بن علي الجوزجاني كيف الطريق إلى الله فقال الطرق إلى الله كثيرة وأوضح الطرق وأبعدها عن الشبه اتباع السنة قولا وفعلا وعزما وعقدا ونية لأن الله يقول: {وَإِنْ تُطِيعُوه تَهْتَدُوا} (1) فقيل له كيف الطريق إلى السنة فقال مجانبة البدع وابتاع ما أجمع عليه الصدر الأول من علماء الإسلام والتباعد عن مجالس الكلام وأهله ولزوم طريقة الاقتداء، وبذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} (2) إلى غير ذلك مما هو مأثور عند أكابر الصوفية مما يدل على أنهم بنوا طريقهم على أصوات ثلاث – الاقتداء بالنبي – صلوات الله وسلامه عليه- في أخلاقه وأفعاله، وأكل الحلال، وإخلاص النية في جميع الأعمال، وأنهم مجمعون على
1- سورة النور، 54
2- سورة النحل 123