responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الرد على الجهمية والزنادقة نویسنده : أحمد بن حنبل    جلد : 1  صفحه : 144
الرد على الجهمية في زعمهم أن الله في كل مكان
فقلنا: قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظمة الرب شيء. فقالوا: أي مكان؟
فقلنا: أجسامكم وأجوافكم وأجواف الخنازير والحشوش، والأماكن القذرة ليس فيها من عظمة الرب شيء[1].

ويبين هذا القول ويشهد له قوله تعالى: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ، أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} [الملك: 16، 17] الآية، وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] مع قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] وقوله: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: 7] .
وسيأتي إن شاء الله تحقيق هذا المعنى بإيضاح في سورة الأعراف.
واعلم أن ما يزعمه الجهمية: من أن الله تعالى في كل مكان. مستدلين بهذه الآية على أنه في الأرض ضلال مبين وجهل بالله تعالى، لأن جميع الأمكنة الموجودة أحقر وأصغر من أن يحل في شيء منها رب السموات والأرض، الذي هو أعظم من كل شيء وأعلى من كل شيء، محيط بكل شيء ولا يحيط به شيء، فالسموات والأرض في يده جل وعلا أصغر من حبة خردل في يد أحدنا، وله المثل الأعلى، فلو كانت حبة خردل في يد رجل فهل يمكن أن يقال: إنه حال فيها أو في كل جزء من أجزائها؟ لا وكلا. هي أصغر وأحقر من ذلك، فإذا علمت ذلك فاعلم أن رب السموات والأرض أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، ولا يحيط به شيء، ولا يكون فوقه شيء: {لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [سبأ: 3] سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا لا نحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 110] .
[1] إلى هنا انتهى نقل ابن تيمية في "بيان تلبيس الجهمية" "534/2" ثم قال رحمه الله: هذا الذي ذكره الإمام أحمد متضمن إجماع المسلمين، ويتضمن أن ذلك من المعروف في فطرتهم التي فطروا عليها وقوله: من عظم الرب. كلمة شديدة، فإن اسمه العظيم يدل عل العظم الذي هو قدره كما بَيّنَّاه في غير هذا الموضع. وذكر الحشوش والأجواف؛ لأن علم المسلمين بذلك ببديهة حسهم وعقلهم، ولأن في ذلك ما يجب تنزيه الرب عنه، إذ كان من أعظم كفر النصارى دعواهم ذلك في واحد من =
نام کتاب : الرد على الجهمية والزنادقة نویسنده : أحمد بن حنبل    جلد : 1  صفحه : 144
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست