الرد عليهم:
إن المتأمل لكلام هؤلاء الفلاسفة كابن سينا وأمثاله يرى مدى انحرافهم، حتى إنهم وصلوا إلى درجة اعتقادهم أنه لا موجود إلا ما علموه.
ولهذا كان هؤلاء الذين عرفوا ما عرفته الفلاسفة إذا سمعوا إخبار الأنبياء بالملائكة والعرش والكرسي والجنة والنار، صاروا حائرين ومتأولين لكلام الأنبياء على ما عرفوه وعلى ما تعلموه، وإن كان هذا التأويل لا دليل لهم عليه سوى ظنهم الفاسد بأنه لا موجود إلا ما عرفوه، فقالوا العرش هو: الفلك التاسع، والكرسي هو: الفلك الثامن. فنفوا ما ليس لهم به علم[1] فانطبق عليهم قوله تعالى {بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس 39] .
وقد ثبت أنه ليس لهؤلاء دليل يتمسكون به لا من الشرع ولا من العقل، وأن الذي دفعهم إلى هذا القول هو أنهم نظروا في علم الهيئة وعلوم الفلسفة فرأوا أن الأفلاك تسعة، وأن التاسع وهو الأطلس محيط بها ومستدير كاستدارتها وهو الذي يحركها الحركة الشوقية، وأن لكل فلك حركة تخصه غير هذه الحركة العامة، ثم سمعوا في أخبار الأنبياء صلوات [1] الفتاوى (17/335-336) .