[ثالثا عقيدة توقيفية مبرهنة] ثالثا: عقيدة توقيفية مبرهنة تتميز العقيدة الإسلامية بأنها توقيفية فلا تجاوز فيها للنصوص المثبتة لها كما أنها عقيدة مبرهنة تقوم على الحجة والدليل، ولا تكتفي في تقرير قضاياها بالخبر المؤكد والإلزام الصارم، بل تحترم العقول والمبادئ التي يقوم عليها الدين كله ذلك أنها لا تثبت في جميع جزئياتها وكلياتها إلا بدليل من الكتاب أو السنة. بل إن أتباعها منهيون عن الخوض في مسائلها إلا عن علم وبرهان قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36] وقال: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: 115]
كما أن القرآن الكريم حين يدعو الناس إلى الإيمان بمفردات العقيدة يقيم على ذلك الأدلة الواضحة من آيات الأنفس والآفاق، فلا يدعوهم إلى التقليد الأعمى أو الاتِّباع على غير هدى، بل إنه يأمرهم أن يطلبوا البرهان والدليل قال تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111] ويترتب على البرهنة والتوقيفية ما يلي:
1 - تحديد مصادر العقيدة بالكتاب والسنة.
2 - الالتزام بألفاظ الكتاب والسنة المعّبر بها عن الحقائق العقدية.
3 - استعمال تلك الألفاظ فيما سيقت لأجله.
4 - عدم تحميل تلك الألفاظ ما لا تحتمل من المعاني.
5 - السكوت عما سكت عنه الكتاب والسنة وذلك بتفويض علمه إلى الله تعالى.
6 - أن نقدم دلالة الكتاب والسنة على ما سواهما من عقل أو حس أو ذوق أو غير ذلك من وسائل المعرفة.
ومن أمثلة الدلائل التي ساقها الله عز وجل في القرآن الكريم القائمة على البراهين ما يلي:
1 - الدليل العقلي قال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور: 35]
2 - الدليل من الأنفس قال تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]
3 - الدليل من الآفاق قال تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ - بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 19 - 20]