نام کتاب : العواصم من القواصم - ط دار الجيل نویسنده : ابن العربي جلد : 1 صفحه : 176
العراقيون جاءوا بأبي موسى من عزلته لأنه كان ناصحا بالدعوة إلى السلم
حتى يكون الرجلان يحكمان بين الدعويين بالحق، فكان من جهة علي الخميس ويوم الجمعة وليلة السبت[301]، ورفعت المصاحف من أهل الشام، ودعوا إلى الصلح، وتفرقوا على أن تجعل كل طائفة أمرها إلى رجل أبو موسى302، ومن جهة معاوية عمرو بن العاص.
وكان أبو موسى رجلًا تقيًا ثقفًا فقيهًا عالِمًا حسبما بيناه في كتاب سراج المريدين[303]، أرسله النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن مع معاذ، وقدمه عمر وأثنى عليه بالفهم[304]، وزعمت الطائفة التاريخية الركيكة أنه كان أبله، ضعيف الرأي، مخدوعًا في القول، وأن ابن العاص كان ذا دهاء وأرب حتى ضربت الأمثال بدهائه تأكيدًا لما أرادت من الفساد، وتبع في ذلك بعض الجهال بعضًا، وصنفوا فيه حكايات، وغيره من الصحابة كان أحذق منه وأدهى. وإنما بنوا ذلك على أن عمرًا لما غدر أبا موسى في قصة التحيكم صار له الذكر في الدهاء [والفكر] . [301] وكانت تسمى "ليلة الهرير" اقتتل الناس فيها حتى الصباح. "خ".
203 وكان آخر العهد بأبي موسى عندما كان واليًّا على الكوفة، وجاء دعاة علي يحرضون الكوفيين على لبس السلاح والالتحاق بجيش علي استمدادًا لما ينتظرونه من قتال مع أصحاب الجمل في البصرة، ثم مع أنصار معاوية في الشام، فكان أبو موسى يشفق على دماء المسلمين أن تسفك بتحريض الغلاة، ويذكر أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بقول نبيهم في الفتنة: "القاعد فيها خير من القائم"، فتركه الأشتر يحدث الناس في المسجد بالحديث النبوي، وأسرع إلى دار الإمارة فاحتلها، فلما عاد إليها أبو موسى منعه الأشتر من الدخول وقال له: اعتزل إمارتنا. فاعتزلهم أبو موسى، واختار الإقامة في قرية يقال لها "عرض" بعيدًا عن الفتن وسفك الدماء. فلما شبع الناس من سفك الدماء واقتنعوا بأن أبا موسى كان ناصحًا للمسلمين في نهيهم عن القتال طلبوا من علي أن يكون هو ممثل العراق في أمر التحكيم؛ لأن الحالة التي كان يدعو إليها هي التي فيها الصلاح، فأرسلوا إلى أبي موسى وجاءوا به من عزلته. "خ". [303] من مؤلفات أبي بكر بن العربي وهو في الزهد والتصوف السني، وتوجد منه نسخة بدار الكتب المصرية تحت رقم 20348 ب. "س". [304] واختصه بكتابه الشهير في القضاء وآدابه وقواعده. "خ".
نام کتاب : العواصم من القواصم - ط دار الجيل نویسنده : ابن العربي جلد : 1 صفحه : 176