نام کتاب : العواصم من القواصم - ط دار الجيل نویسنده : ابن العربي جلد : 1 صفحه : 86
وكان يقرِّع عمال عثمان، ويتلو عليهم {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة:34] ، ويراهم يتسعون في المراكب والملابس حين وجدوا، فينكر ذلك عليهم، ويريد تفريق جميع ذلك من بين أيديهم، وهو غير لازم. قال ابن عمر وغيره من الصحابة [وهو الحق] *: إن ما أديت زكاته، فليس بكنز[87]، فوقع بين أبي ذر ومعاوية كلام بالشام[88]، فخرج إلى المدينة، فاجتمع إليه الناس، فجعل يسلك تلك الطرق، فقال له عثمان: لو اعتزلت. معناه: إنك على مذهب لا يصلح لمخالطة الناس، فإن للخلطة شروطًا وللعزلة مثلها، ومن كان على طريقة أبي ذر فحاله يقتضي أن ينفرد بنفسه، أو يخالط ويسلم لكل أحد حاله مما ليس بحرام في الشريعة، فخرج إلى الربذة زاهدًا فاضلًا، وترك جلة فضلاء، وكل على خير وبركة وفضل، وحال أبي ذر أفضل، ولا تمكن لجميع الخلق، فلو كانوا عليها لهلكوا[89]، فسبحان مرتب المنازل.
* زيادة من نسخة "د"."س". [87] انظر البيان الفقهي والتفصيل الشرعي لهذه المسألة في منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية: 198:3-199."خ". [88] نقل الطبري: 66:5 وأكثر المصادر الإسلامية أنه لما ورد ابن السوداء "عبد الله بن سبأ" الشام لقى أبا ذر فقال: يا أبا ذر ألا تعجب إلى معاوية يقول: المال مال الله، إلا إن كل شيء لله كأنه يريد أن يحتجنه دون المسلمين، ويمحو اسم المسلمين، فأتاه أبو ذر فقال: ما يدعوك إلى أن تسمى مال المسلمين مال الله؟ قال معاوية: يرحمك الله يا أبا ذر، ألسنا عباد الله؟، والمال ماله؟، والخلق خلقه؟، والأمر أمره؟، قال أبو ذر: فلا تقله، قال معاوية: فإني لا أقول إنه ليس لله، ولكن سأقول مال المسلمين، وأتى ابن السوداء "عبد الله بن سبأ" أبا الدرداء، فقال له أبو الدرداء: من أنت أظنك والله يهوديًا، فأتى ابن سبأ عبد الله بن الصامت، فتعلق به ابن الصامت فأتى به معاوية فقال: هذا والله الذي بعث عليك أبا ذر."خ". [89] الذي تحصل عندي من تتبع نصوص الشريعة في أمر المال، ومراقبتي لتطبيق هذه النصوص في سيرة السلف وعملهم بها، أن المسلم له في نفسه وذويه من المال الذي يملكه ما يكفيه ويكفيهم بالمعروف كأمثاله وأمثالهم من أهل العفة والقناعة والدين، وما زاد عن ذلك فعليه أولًا أن يؤدي زكاته الشرعية مباشرة بحسب اجتهاده إن لم يكن أداها للحكومة الإسلامية العاملة بأحكام الشرع. وبعد أداء زكاته يكون صاحب المال في امتحان من الله كيف
=
نام کتاب : العواصم من القواصم - ط دار الجيل نویسنده : ابن العربي جلد : 1 صفحه : 86