نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 138
مُوسَى خَرجُوا بِجَمِيعِ مَوَاشِيهمْ من الْبَقر وَالْغنم وَأَن أهل بَيت مِنْهُم ذَبَحُوا جدياً أَو خروفاً فِي تللك اللَّيْلَة وَذكر فِي مَوَاضِع مِنْهَا أَنهم أهدوا الكباش والتيوس والخرفان والجديان وَالْبَقر والعجول إِلَى قبَّة الْعَهْد وَذكروا فِي آخرهَا أَن بني رؤابين وَبني جادا وَنصف سبط بني منشا كَانَ مَعَهم غنم كثير وَمن الْبَقر عدد لَا يُحْصى فِي حِين ابْتِدَاء قِتَالهمْ وفتحهم لأرض الشَّام فَأَي عِبْرَة فِي إشباعهم من اللَّحْم وَاللَّحم حَاضر مَعَهم كثير لَا قَلِيل ثَلَاثَة من الْغنم كَانَت تَكْفِي الْوَاحِد مِنْهُم شهرا كَامِلا وثور وَاحِد كَانَ يَكْفِي أَرْبَعَة مِنْهُم شهرا كَامِلا على أَن يَأْكُلُوا اللَّحْم قوتاً حَتَّى يشبعوا بِلَا خبز فَكيف إِذا تأدموا بِهِ فَأَي عجب فِي إشباعهم بِاللَّحْمِ حَتَّى يُرَاجع مُوسَى ربه تَعَالَى بإنكار ذَلِك من قُوَّة ربه عز وَجل فَهَل فِي الْعَالم أَحمَق مِمَّن كتب هَذِه الكذبة الشنيعة الْبَارِدَة السخيفة الممزوجة بالْكفْر اللَّهُمَّ لَك الْحَمد على تسليمك لنا مِمَّا امتحنتهم بِهِ فَإِن قَالُوا إِن فِي كتابكُمْ أَن الله تَعَالَى قَالَ لزكريا {إِنَّا نبشرك بِغُلَام اسْمه يحيى} الْآيَة وَأَن زَكَرِيَّا قَالَ لرَبه تَعَالَى {أَنى يكون لي غُلَام وَكَانَت امْرَأَتي عاقراً وَقد بلغت من الْكبر عتياً قَالَ كَذَلِك قَالَ رَبك هُوَ عَليّ هَين} الْآيَة {قَالَ رب اجْعَل لي آيَة قَالَ آيتك أَلا تكلم النَّاس ثَلَاث لَيَال سوياً} وَفِي كتابكُمْ أَيْضا أَن الْملك قَالَ لِمَرْيَم {أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك غُلَاما زكياً قَالَت أَنى يكون لي غُلَام} الْآيَة {قَالَ كَذَلِك قَالَ رَبك هُوَ عَليّ هَين} الْآيَة قُلْنَا لَيْسَ فِي جَوَاب زَكَرِيَّا وَمَرْيَم عَلَيْهِمَا السَّلَام اعْتِرَاض على بشرى الْبَارِي عز وَجل لَهما كَمَا فِي كتابكُمْ عَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَلَا فِي كَلَام زَكَرِيَّا وَمَرْيَم عَلَيْهِمَا السَّلَام إِنْكَار على أَن يعطيهما وَلدين وهما عقيم وَبكر إِنَّمَا سَأَلَا أَن يعرفا الْوَجْه الَّذِي مِنْهُ يكون الْوَلَد فَقَط لِأَن إِنِّي فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة الَّتِي بهَا نزل الْقُرْآن بِلَا خلاف أَن مَعْنَاهَا من أَيْن فصح مَا قُلْنَا من أَنَّهُمَا سألاه أَن يعرفهما الله تَعَالَى من أَيْن يكون لَهما الْوَالِدَان أَو من أَي جِهَة أبنكاح زَكَرِيَّا لامْرَأَة أُخْرَى أم نِكَاح رجل لِمَرْيَم أم من اختراعه تَعَالَى وَقدرته فَإِنَّمَا سَأَلَ زَكَرِيَّا الْآيَة ليظْهر صدقه عِنْد قومه وَلِئَلَّا يظنّ أَنَّهُمَا أخذاه وادعياه هَذَا هُوَ ظَاهر الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذكرنَا من الْقُرْآن دون تكلّف تَأْوِيل بِنَقْل لفظ أَو زِيَادَة أَو حذف بِخِلَاف مَا حكيتم عَن مُوسَى من الْكَلَام الَّذِي لَا يحْتَمل التَّكْذِيب فَقَط
فصل
وَبعد ذَلِك ذكر قيام مَرْيَم وَهَارُون أخي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام معاندين لمُوسَى من أجل امْرَأَته الحبشية
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ وَكَيف تكون حبشية وَقد قَالَ فِي أول توراتهم أَنَّهَا بنت يثرون المدياني وَهُوَ بِلَا شكّ من ولد مَدين بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فأحد هذَيْن الْقَوْلَيْنِ يكذب الآخر
فصل
ذكر كَمَا ذكرنَا أَن فِي الشَّهْر الثَّانِي من السّنة الثَّانِيَة من خُرُوجهمْ من مصر كَانَ طَلَبهمْ اللَّحْم كَمَا ذكرنَا وَأَنه بعد ذَلِك وَقع لهارون وَمَرْيَم الشغب مَعَ مُوسَى
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 138