نام کتاب : الفكرة السنية والحاجة إليها نویسنده : الصديقي، محمد إسحاق جلد : 1 صفحه : 54
باختلاف العلوم المقصودة، فإن وجهة فكر الرياضي مثلاً مغايرة لوجهة فكر الطبعي.
ومثال الثاني: تفكر الفلكي في نفس تلك الكواكب وفي أحوالها الطبيعية وخواصها لينتفع بهذا العلم كتفكره مثلاً في حركات الشمس والقمر ليعلم عدد السنين والشهور والحساب، ويعرف زمان المد والجزر في البحار، وكذلك تفكر الطبيب في عالم النبات لاستخدامها لإصلاح البدن وإزالة الأمراض، فإن وجهة فكره هي العلم مع الانتفاع به. وتتنوع باختلاف المنفعة المقصودة فإن وجهة فكر الفلكي هي الانتفاع بمعرفة حركة الشمس مثلا في عدد السنين والحساب، وأما الطبيب فغاية علمه بالنبات مثلا هي نفعها للجسم الإنساني من خشية دفع المرض أو تقويته، فوجهة فكره مغايرة لوجهة فكر الفلكي.
منهاج التفكر:
معناه طريق التفكر والنظر، ويمتاز أحد المنهاجين من الآخر بامتياز المتفكر فيه والوجهة الفكرية وكيفية حركة الذهن في الحركة الفكرية، وينقسم إلى قسمين كبيرين باعتبار المتفكر فيه والوجهة الفكرية وكيفية حركة الذهن:
الأول: تحريك القوة الفكرية في أمر وبكيفية لا دخل لهما في سعادة النفس وشقائها بحسب نفس الأمر أو بحسب زعم المتفكر.
الثاني: تحريكها في أمر بكيفية لهما أو لأحدهما دخل في سعادة النفس وشقائها، فههنا منهاجان للتفكر كأنهما نوعان من الفكرة، فالفكرة الأولى نسميه (الفكرة الطبعية) لأن هذا المنهج هو المختار في العلوم الطبعية كالطبعيات والكيمياء والرياضة وأمثالها من العلوم التي لا دخل لها في أنفسها في سعادة النفس وشقائها.
الفكرة الثانية نسميها (الفكرة النفسية) لتأثير مسائلها على النفس الإنسانية من حيث السعادة والشقاء، وهي المختارة في علوم التمدن والمعاشرة غالبا كالأخلاقيات والسياسيات والمعاشيات وأمثالها من العلوم التي لها دخل في سعادة النفس وشقائها.
الاختلاف بين مناهج التفكر:
ثم إنا نجد اختلافاً كثيراً بين المتفكرين في مناهج التفكر، واختيار طريق الفكر والنظر، فهذا شاعر ينظر إلى الورد لألوانه الجميلة، وذاك طبيب يتفكر في نفس ذلك الورد لخواصه النافعة للمرضى، وإن الرياضي يتفكر في القمر في حركته ومطالعه ومغاربه وبعده من أجرام أخرى، كما أن الطبيعي يمعن النظر فيه ليعرف أحواله الطبعية من جباله ووهاده وكثافته وثقله وأمثالها من الأمور الطبعية التي يبحث عنها في الطبعيات، ولا نعني بالاختلاف
نام کتاب : الفكرة السنية والحاجة إليها نویسنده : الصديقي، محمد إسحاق جلد : 1 صفحه : 54