ومنها الصريح الواضح، ومنها المؤكد المثبت، ومعها عقل المخاطبين الأولين من الصحابة وغيرهم وجمهور الناس؟ وهل هذا إلا قلب للمعقول الواضح؟
هذا والقائلون بأن ذات الله تعالى مجرداً أكثرهم يثبتون أو يجوزون وجود ذوات كثيرة مجردة من عقول ونفوس وأرواح غيرها! فليتدبر من له عقل أليسوا أولى بزعم أن لله عز وجل مثلاً بل أمثالاً ممن لا يقول بالتجرد المحض الذي يزعمونه؟ فإن الذوات المخلوقة غير المجردة تتفاوت تفاوتاً عظيماً جداً فما الظن بذات الخالق تبارك وتعالى؟ فأما المجردة على فرض وجودها فكيف يعقل التفاوت العظيم بينهما حتى تكون هذه ذات رب العالمين وهذه ذات روح بعوضة؟ وما قيل أن التجرد أمر عدمي لا يدفع ذلك، على أنه عندهم براءة لأمر وجودي احتيج إليه، لأنه ليس في اللغات لفظ يدل على ذاك المعنى، لأن اللغات تابعة للعقول الفطرية، والعقول الفطرية لا تعقل وجود ذات مجردة ذاك التجرد، وإنما تعبر عن ذاك المعنى بقولها: «معدوم» [1] .
قال السلفي: واقتصر عن النظر في تلك الآية على ما ذكرت راجياً أن يكون فيه الكفاية لمن لم يستحوذ عليه الهوى، فأما من ختم على قلبه فلا مطمع فيه. والله الموفق.
وأما اسم الله تعالى «الواحد» فلفظ «واحد» يراد به في اللغة ما يقابل المتعدد ومن تتبع مواقعه في القرآن وغيره من الكلام العربي الفصيح وجده يأتي وصفاً لموصوف ويكون هناك شيء محكوم عليه بالموصوف مع وصفه، فعدم التعدد يكون للمحكوم عليه باعتبار الموصوف. قال الله تعالى: «كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً» حكم على الناس فيما كانوا عليه بقوله «أمة واحدة» فعدم التعدد ثابت [1] يأتي لهذا مزيد في مسألة الجهة. المؤلف