الفطرية ولا النصوص الشرعية ما يصح ونظراءه لزوماً واضحاً تكذيب النصوص ولابد.
وقد حكى بعض المحشين على (المواقف) عبارة التفتازاني المذكورة ثم تعقبها بقوله: «فيه فتح باب الباطنية لأنه جاز إظهار الباطل حقاً في آيات كثيرة وتقريره في عقول عامة المسلمين لقصور دركهم جاز مثله في سائر الأحكام كخلود العذاب الجسماني والجنة والجسماني والصراط الأدق من الشعر لأن الصرف عن الظاهر لا يتوقف على استحالة بل الاستبعاد كاف نحورأيت الأسد في الحمام، فالحق أن تأويل تلك الآي بظهور المجرد في صورة الجسماني» .
أقول: حاصل هذا التعقب موضحاً أن الاستحالة المزعومة لم تكن تدركها عقول المخاطبين فلا يصح عدها قرينة تدفع الكذب، فإن زعمتم أنه اقتضت المصلحة التسامح في هذا والاكتفاء بجواز الكذب من الله ورسله والتكذيب منكم بأن هناك ما لوعلمه المخاطبون لكان قرينة وهو الاستحالة العقلية كان للبطنية أن يعتذروا بنحوعذركم عن تأويلاتهم لغالب العقائد والأحكام متشبثين بدعوى الاستبعاد كما تشبثتم بدعوى الاستحالة، والحاصل أنكم تشبثتم باقتضاء المصلحة ودعوى وجود ما لوعلمه المخاطبون لكان قرينة، وهذه حال الباطنية أيضاً.
ثم أقول: الاستحالة مدفوعة، وكثير من النصوص صريح لا يحتمل غير ذاك المعنى الذي ينكره المتعمقون، والكلام الذي غير الظاهر احتمالاً قريباً لا يصرف عن ظاهر إلا بقرينة، ومن شرط القرينة أن يكون من شأنها أن لا تخفى على المخاطب، فإن لم يتحمل غير ظاهره أو احتمله ولا قرينة فزعم أن ظاهره باطل تكذيب له ولابد، ومعلوم من الدين بالضرورة استحالة أن يقع كذب من الله تعالى أو من رسوله فيما يخبر به عنه، والله تعالى أجل وأعظم من أن يكذب